للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خشنا، بل كانت المرأة تقف في سترة المسجد الجامع فتقاطع خليفة المسلمين وهو يخطب، وتعارض رأيه برأيها، وتقرع حجته بحجتها فيما تعتقد أنه أخطأ فيه شاكلة الصّواب.

فهل يرضى العقل والمنطق أن تجرح هذه الأمة الصريحة القوية وتتهم بالكذب أو بالسكوت على الكذب في كلام اللَّه، وفي سنة رسول اللَّه؟! ثم ألا يحملهم هذا الخلق المشرق فيهم على كمال التّثبت ودقة التحرّي في كتاب اللَّه وسنة رسول اللَّه؟!

العامل السّابع:

تكافل الصّحابة تكافلا اجتماعيا فرضه الإسلام عليهم.

لقد كان كلّ واحد منهم يعتقد أنه عضو في جسم الجماعة، عليه أن يتعاون هو والمجموع في المحافظة على الملّة، ويعتقد أنه لبنة في بناء الجماعة، عليه أن يعمل على سلامتها من الدغل والزغل والافتراء والكذب خصوصا في أصل التّشريع الأول وهو القرآن وأصله الثّاني وهو سنة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام.

واقرأ آيات الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر التي تقرر ذاك التّكافل الاجتماعي الإسلامي بين آحاد الأمّة بما لا يدع مجالا لمفتر على اللَّه، ولا يترك حيلة لحاطب ليل في حديث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم.

يقول اللَّه تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ إلى أن قال جلّ ذكره: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [ (١) ] .

وهكذا قدّم اللَّه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان باللَّه، تنويها بجلالتهما، وحثّا على التمسّك بحبلهما، وإشارة إلى أن الإيمان باللَّه لا يصان ولا يكون إلا بهما.

وأما السّنة

فيقول صلّى اللَّه عليه وسلم: «والّذي نفسي بيده لتأمرنّ بالمعروف ولتنهونّ عن المنكر أو ليوشكنّ أن يبعث اللَّه عليكم عقابا منه، ثمّ تدعونه فلا يستجاب لكم» [ (٢) ] .


[ (١) ] [آل عمران: ١٠٤- ١١٠] .
[ (٢) ] أخرجه الترمذي في السنن ٤/ ٤٠٦- ٤٠٧ كتاب الفتن (٣٤) باب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (٩) حديث رقم ٢١٦٩ وقال أبو عيسى هذا حديث حسن وأحمد في المسند ٥/ ٣٨٩- والطبراني

<<  <  ج: ص:  >  >>