للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمر قد أسلم. فتفرقوا من مكانهم وقد عزوا فى أنفسهم حين أسلم عمر، مع إسلام حمزة، وعرفوا أنهما سيمنعان رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتصفون بهما من عدوهم «١» . فهذا حديث الرواة من أهل المدينة عن إسلام عمر.

وقد روى غيرهم إن إسلام عمر فيما تحدثوا به عنه أنه كان يقول: كنت للإسلام مباعدا وكنت صاحب خمر فى الجاهلية أحبها وأشربها، وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش بالحزورة «٢» ، فخرجت ليلة أريد جلسائى أولئك فى مجلسهم ذلك فلم أجد فيه منهم أحدا، فقلت: لو أنى جئت فلانا الخمار لعلى أجد عنده خمرا فأشرب منها، فجئته فلم أجده، فقلت: فلو أنى جئت الكعبة فطفت بها سبعا أو سبعين. فجئت أريد ذلك فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلى، وكان إذا صلى استقبل الشام وجعل بينه وبينها الكعبة، فكان مصلاه بين الركنين: الركن الأسود والركن اليمانى، فقلت حين رأيته: والله لو أنى استمعت لمحمد الليلة حتى أستمع ما يقول.

فقلت: لئن دنوت منه لأروعنه، فجئت من قبل الحجر، فدخلت تحت ثيابها، فجعلت أمشى رويدا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلى يقرأ القرآن حتى قمت فى قبلته مستقبله ما بينى وبينه إلا ثياب الكعبة. فلما سمعت القرآن رق له قلبى! فبكيت ودخلنى الإسلام، فلم أزل قائما فى مكانى ذلك حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته ثم انصرف، وكان إذا انصرف خرج على دار ابن أبى حسين، وكانت طريقه حتى يخرج المسعى ثم يسلك بين دار عباس بن عبد المطلب وبين دار ابن أزهر.

فتبعته حتى إذا دخل بينهما أدركته، فلما سمع حسى عرفنى، فظن أنى إنما تبعته لأوذيه فنهمنى ثم قال: «ما جاء بك يا ابن الخطاب هذه الساعة؟» قلت: جئت لأومن بالله وبرسوله وبما جاء به من عند الله، فحمد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «قد هداك الله يا عمر» ، ثم مسح صدرى ودعا لى بالثبات، ثم انصرفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته «٣» .


(١) انظر الحديث فى: طبقات ابن سعد (٣/ ٩١) ، دلائل النبوة للبيهقى (٢/ ٢١٩) .
(٢) الحزورة: هى الآن قطعة من المسجد فى مكة.
(٣) ذكره ابن كثير فى البداية والنهاية (٣/ ١٢٩) .