للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الدعاء عليه وله مما زاده ابن هشام عن غير ابن إسحاق.

وعن بعض آل عمر قال عمر «١» : لما أسلمت تلك الليلة تذكرت أى الناس أشد عداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى آتيه فأخبره أنى قد أسلمت، قال: قلت: أبو جهل. وكان عمر ابنا لحنتمة بنت هشام بن المغيرة، فأقبلت حين أصبحت حتى ضربت عليه بابه، فخرج إلى فقال: مرحبا وأهلا يا ابن أختى، ما جاء بك؟ قلت: جئتك أخبرك أنى قد آمنت بالله وبرسوله محمد وصدقت بما جاء به، فضرب الباب فى وجهى وقال: قبحك الله وقبح ما جئت به.

وفيما رواه يونس بن بكير عن ابن إسحاق أن عمر رضى الله عنه، قال حين أسلم.

الحمد لله ذى المن الذى وجبت ... له علينا أياد كلها عبر

وقد بدأنا فكذبنا فقال لنا ... صدق الحديث نبى عنده الخبر

وقد ظلمت ابنة الخطاب ثم هدى ... ربى عشية قالوا قد صبا عمر

لما دعت ربها ذا العرش جاهدة ... والدمع من عينها عجلان يبتدر

أيقنت أن الذى تدعوه خالقها ... تكاد تسبقنى من عبرة درر

فقلت أشهد أن الله خلقنا ... وأن أحمد فينا اليوم مشتهر

نبى صدق أتى بالحق من ثقة ... وفى الأمانة ما فى عوده خور

قال ابن إسحاق «٢» : فلما رأت قريش أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزلوا بلدا أصابوا به أمنا وقرارا، وأن النجاشى قد منع من لجأ إليه منهم، وأن عمر قد أسلم فكان هو وحمزة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وجعل الإسلام يفشوا فى القبائل، اجتمعوا وائتمروا أن يكتبوا كتابا يتعاقدون فيه على نبى هاشم وبنى المطلب، على أن لا يتكحوا إليهم ولا ينكحوهم، ولا يبيعوهم شيئا ولا يبتاعوا منهم.

فلما اجتمعوا لذلك كتبوا فى صحيفة ثم تعاهدوا وتواثقوا على ذلك، ثم علقوا الصحيفة فى جوف الكعبة توكيدا على أنفسهم.

فلما فعلت قريش ذلك انحازت بنو هاشم وبنو المطلب إلى أبى طالب فدخلوا معه فى شعبه واجتمعوا إليه وخرج من بنى هاشم أبو لهب إلى قريش فظاهرهم، ولقى هندا


(١) انظر: السيرة (١/ ٢٨٧) .
(٢) انظر: السيرة (١/ ٢٨٧- ٢٨٨) .