للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن إسحاق «١» : وأما عوف بن لؤى، فإنه خرج فيما يزعمون فى ركب من قريش، حتى إذا كان بأرض غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان أبطئ به، فانطلق من كان معه من قومه، فأتاه ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان، فحبسه والتاطه وآخاه وزوجه، فانتسب بتلك المؤاخاة إلى سعد بن ذبيان أبى ثعلبة.

وثعلبة، يزعمون، هو القائل له:

احبس على ابن لؤى جملك ... تركتك القوم ولا مترك لك

ويروى أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، قال: لو كانت مدعيا حيا من العرب أو ملحقهم بنا لا دعيت بنى مرة بن عوف، إنا لنعرف منهم الأشباه مع ما نعرف من موقع ذلك الرجل حيث وقع؛ يعنى عوف بن لؤى.

وهم فى نسب غطفان مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان، وهم يقولون إذا ذكر لهم النسب: ما ننكره ولا نجحده، وإنه لأحب النسب إلينا.

وقيل: إن عمر بن الخطاب قال لرجال من بنى مرة: إن شئتم أن ترجعوا إلى نسبكم فارجعوا إليه. وكان القوم أشرافا فى غطفان هم سادتهم وقادتهم، منهم هرم بن سنان ابن أبى حارثة، وأخوه خارجة بن سنان، والحارث بن عوف، والحصين بن الحمام، وهشام بن حرملة، قوم لهم صيت وذكر فى غطفان وقيس كلها، فأقاموا على نسبهم.

على أن الحصين بن الحمام قد تحير فى هذا واختلف رأيه، فلما سمع قول الحارث ابن ظالم، أحد بنى مرة بن عوف، حين هرب من النعمان بن المنذر ولحق بقريش:

وما قومى بثعلبة بن سعد ... ولا بفزارة الشعر الرقابا «٢»

فقومى إن سألت بنو لؤى ... بمكة علموا مضر الضرابا

سفهنا باتباع بنى بغيض ... وترك الأقربين لنا انتسابا

سفاهة مخلف لما تروى ... هراق الماء واتبع السرابا «٣»

فلو طوعت عمرك كنت فيهم ... وما ألفيت انتجع السحابا «٤»


(١) انظر: السيرة (١/ ٩٨- ٩٩) .
(٢) الشعر: جمع أشعر، وهو الكثير الشعر.
(٣) المخلف: الذى يسقى الماء. هراق: أى صبه.
(٤) انتجع: أى ذهب فى طلب الكلاء فى موضعه. وذكره ابن إسحاق فى السيرة وزاد فى آخره بيت هو:
وخش رواحة القرشى رحلى ... بناحية ولم يطلب ثوابا
انظر: السيرة (١/ ٩٨- ٩٩) .