للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو بيت المقدس من إيلياء، وقد فشا الإسلام مكة فى قريش وفى القبائل كلها.

فكان من الحديث فيما بلغنى، عن مسراه صلوات الله عليه وسلامه، عن عبد الله بن مسعود، وأبى سعيد الخدرى، وعائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم، ومعاوية بن أبى سفيان، وأم هانىء بنت أبى طالب، والحسن بن أبى الحسن، وابن شهاب الزهرى، وقتادة وغيرهم من أهل العلم ما اجتمع فى هذا الحديث، كل يحدث عنه بعض ما ذكر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسرى به.

وكان فى مسراه وما ذكر منه بلاء وتمحيص وأمر من الله فى قدرته وسلطانه، فيه عبرة لأولى الألباب وهدى ورحمة وثبات لمن آمن وصدق.

وكان من أمر الله على يقين، فأسرى به كيف شاء وكما شاء ليريه من آياته ما أراد، حتى عاين ما عاين من أمره وسلطانه العظيم وقدرته التى يصنع بها ما يريد.

فكان عبد الله بن مسعود، فيما بلغنى عنه، يقول أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبراق، وهى الدابة التى كانت تحمل عليها الأنبياء قبله، تضع حافرها فى منتهى طرفها، فحمل عليه، ثم خرج به صاحبه يرى الآيات فيما بين السموات والأرض حتى انتهى إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى فى نفر من الأنبياء عليهم السلام قد جمعوا له، فصلى بهم ثم أتى بثلاثة آنية، إناء فيه لبن، وإناء فيه خمر، وإناء فيه ماء، قال:

فسمعت قائلا يقول: إن أخذ الماء فغرق وغرقت أمته، وإن أخذ الخمر فغوى وغوت أمته، وإن أخذ اللبن هدى وهديت أمته. قال: «فأخذت إناء اللبن فشربت، فقال له جبريل: هديت وهديت أمتك يا محمد» «١» .

قال «٢» : وحدثت عن الحسن أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينا أنا نائم فى الحجر


- قبل مهاجره بستة عشر شهرا. فعلى قول السدى يكون الإسراء فى شهر ذى القعدة، وعلى قول الزهرى وعروة يكون فى ربيع الأول. ثم ذكر عن جابر، وابن عباس قالا: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل يوم الإثنين الثانى عشر من ربيع الأول، وفيه بعث وفيه عرج به إلى السماء وفيه هاجر ومات. وفيه انقطاع، ثم ذكر أن المقدسى أورد حديثا لا يصح سند: أن الإسراء كان ليلة السابع والعشرين من رجب والله أعلم. انظر: المنتظم لابن الجوزى (حاشية ٣/ ٢٦) تحقيقنا.
(١) ذكره ابن كثير فى تفسيره (٥/ ٢٨) ، ابن حجر فى فتح البارى (٧/ ٢٥٦) ، الهيثمى فى المجمع (١/ ٧٨) ، السيوطى فى الخصائص الكبرى (١/ ٢٦٨، ٢٦٩) .
(٢) انظر: السيرة (٢/ ٧) .