للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم غزا قريشا حتى بلغ بحران «١» ، معدنا بالحجاز من ناحية الفرع، ثم رجع منه إلى المدينة ولم يلق كيدا، وذلك بعد مقامه به نحوا من شهرين، ربيع الآخر وجمادى الأولى من سنة ثلاث.

[أمر بنى قينقاع]

وكان فيما بين ما ذكر من غزو رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بنى قيقناع.

وكانوا أول يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاربوا فيما بين بدر وأحد.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعهم فى سوقهم، ثم قال: «يا معشر يهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة وأسلموا، فإنكم قد عرفتم أنى نبى مرسل، تجدون ذلك فى كتابكم وعهد الله إليكم» «٢» .

قالوا: يا محمد، إنك ترى أنا قومك! لا يغرنك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة، إنا والله لئن حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس.

فقال ابن عباس «٣» : ما أنزل هؤلاء الآيات إلا فيهم: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ [آل عمران: ١٢، ١٣] .

وكان منشأ أمرهم: أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها فباعته بسوق قينفاع" وجلست إلى صائغ بها، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوءتها، فضحكوا بها فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وكان يهوديا، فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فأغضب المسلمون فوقع الشر بينهم وبين بنى قينقاع.


(١) ذكرها ابن الأثير فى الكامل (٢/ ١٤٢) ، والطبرى فى تاريخه (٢/ ٥٢) ، والواقدى فى المغازى (١/ ١٩٦، ١٩٧) .
(٢) انظر الحديث فى: البداية والنهاية لابن كثير (٤/ ٣) .
(٣) انظر السيرة (٣/ ٨) .