للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه، فقام إليه عبد الله بن أبىّ بن سلول، حين أمكنه الله منهم، فقال: يا محمد، أحسن فى موالى، وكانوا حلفاء الخزرج، فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد أحسن فى موالى، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدخل يده فى جيب درع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يقال لها: ذات الفضول، فقال له:

«أرسلنى» ! وغضب صلى الله عليه وسلم حتى رأوا لوجهه ظللا، ثم قال: «ويحك أرسلنى» . قال: لا والله لا أرسلك حتى تحسن فى موالى، أربعمائة حاسر وثلاثمائة دارع قد منعونى من الأحمر والأسود تحصدهم فى غداة واحدة! إنى والله امرؤا أخشى الدوائر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هم لك» «١» .

ولما حاربت بنو قينقاع تشبث عبد الله بن أبى بأمرهم وقام دونهم، قال: مشى عبادة بن الصامت، وكان أحد بنى عوف، لهم من حلفه مثل الذى لهم من عبد الله بن ابى، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلعهم إليه وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم، وقال: يا رسول الله، أتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم.

ففيه وفى عبد الله بن أبى نزلت [هذه] القصة من المائدة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يريد عبد الله بن أبىّ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ. ثم القصة فى قوله: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ وذلك لتولى عبادة بن الصامت الله ورسوله والذين آمنوا، وتبرية، من بنى قينقاع وحلفهم وولايتهم وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ [المائدة: ٥١- ٥٦] .

سرية زيد بن حارثة «٢»

ولما كان من وقعة بدر ما كان، خافت قريش طريقهم التى كانوا يسلكون إلى


(١) انظر الحديث فى: تاريخ للطبرى (٢/ ٤٩) ، الطبقات لابن سعد (٢/ ٢٩) .
(٢) هذه السرية ذكرها الواقدى فى المغازى (١/ ١٩٧، ١٩٨) ، وابن سعد فى الطبقات (٢/ ٣٦) ، وابن الأثير فى التاريخ (٢/ ١٤٥) .