للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فاجتمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، وحركوا لذلك من أطاعهم من القبائل وحرضوهم عليه وخرجوا بحدهم وجدهم وأحابيشهم «١» ومن تابعهم من بنى كنانة وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة وأن لا يفروا، فخرج أبو سفيان بن حرب وكان قائد الناس بهند بنت عتبة، وكذلك سائر أشراف قريش وكبرائهم خرجوا معهم بنسائهم.

وكان جبير بن مطعم قد أمر غلامه وحشيا الحبشى بالخروج مع الناس وقال له: إن قتلت حمزة عم محمد بعمى طعيمة بن عدى فأنت عتيق. فكانت هند بنت عتبة كلما مرت بوحشى أو مر بها قالت: ويها أبا دسمة، وهى كنيته، اشف واشتف.

فأقبلوا حتى نزلوا بعينين- جبل ببطن السبخة من قناة على شفير الوادى مقابل المدينة.

فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال عليه السلام:

«إنى قد رأيت والله خيرا، رأيت بقرا تذبح، ورأيت فى ذباب سيفى ثلما، فأما البقر، فهى ناس من أصحابى يقتلون، وأما الثلم الذى فى ذباب سيفى فهو رجل من أهل بيتى يقتل، ورأيت أنى أدخلت يدى فى درع حصينة فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا فإن أقاموا أقاموا بشر مقام وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها» «٢» .

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الخروج، وكان عبد الله بن أبى يرى رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذلك، فقال رجل من المسلمين ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره ممن كان فاته بدر: يا رسول الله، اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم. فقال عبد الله بن أبى: يا رسول الله، أقم بالمدينة ولا تخرج إليهم، فو الله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط إلا أصاب منا، ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله فإن أقاموا أقاموا بشر محبس وإن دخلوا قاتلهم الرجال فى وجوههم ورماهم الصبيان والنساء بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين كما جاؤا.


(١) أحابيشهم: أحياء من القارة انضموا إلى بنى ليث فى الحرب التى وقعت بينهم وبين قريش قبل الإسلام.
(٢) انظر الحديث فى: مسند الإمام أحمد (٣/ ٣٥١) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٦/ ١٠٧) ، الدلائل للبيهقى (٣/ ٢٢٥، ٢٦٦) ، تفسير الطبرى (٤/ ٤٦، ٤٧) .