للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما اجتمعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عليهم سعد بن زيد وقال: «اخرج فى طلب القوم حتى ألحقك فى الناس» «١» . وقال لأبى عياش: «يا أبا عياش لو أعطيت هذا الفرس رجلا هو أفرس منك فلحق بالناس» . قال أبو عياش: فقلت: يا رسول الله، أنا أفرس الناس. ثم ضربت الفرس فو الله ما جرى بى خمسين ذراعا حتى طرحنى، فعجبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لو أعطيته أفرس منك» وأقول: أنا أفرس! فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرس أبى عياش هذا- فيما زعموا- معاذ ابن ماعص أو عائذ بن ماعص، فكان ثامنا.

فخرج الفرسان فى طلب القوم حتى تلاحقوا، وكان أول فارس لحق بالقوم محرز بن نضلة الأخرم، ويقال له أيضا: قمير، ولما كان الفزع جال فرس لمحمود بن مسلمة فى الحائط وهو مربوط بجذع نخل حين سمع صاهلة الخيل، وكان فرسا صنيعا جاما، فقال بعض نساء بنى عبد الأشهل: يا قمير، هل لك فى أن تركب هذا الفرس فإنه كما ترى، ثم تلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالمسلمين؟ قال: نعم فأعطينه إياه فخرج عليه فلم يلبث أن بز الخيل بجمامه حتى أدرك القوم، فوقف لهم بين أيديهم ثم قال: قفوا بنى اللكيعة حتى يلحق بكم من وراءكم من المهاجرين والأنصار، وحمل عليه رجل منهم فقتله، وجال الفرس فلم يقدر عليه حتى وقف على أرية فى بنى عبد الأشهل. فقيل: إنه لم يقتل من المسلمين- يومئذ- غيره، وقد قيل: إنه قتل معه وقاص بن محرز المدلجى.

ولما تلاحقت الخيل قتل أبو قتادة حبيب بن عيينة بن حصن وغشاه برده ثم لحق بالناس، وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسلمين فإذا حبيب مسجى ببرد أبى قتادة، فاسترجع الناس وقالوا: قتل أبو قتادة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس بأبى قتادة، ولكنه قتيل لأبى قتادة وضع عليه برده ليعرفوا أنه صاحبه» «٢» .

وأدرك عكاشة بن محصن أو بارا وابنه عمرو بن أوبار وهما على بعير واحد فانتظمهما بالرمح فقتلهما جميعا، واستنقذوا بعض اللقاح.

وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بالجبل من ذى قرد وتلاحق به الناس، وأقام عليه يوما وليلة، وقال له أبو سلمة بن الأكوع: يا رسول الله، لو سرحتنى فى مائة رجل لاستنقذت بقية السرح وأخذت بأعناق القوم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنهم الآن ليغبقون فى غطفان» «٣» .


(١) انظر الحديث فى: المعجم الكبير للطبرانى (٧/ ٣٢) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٦/ ١٤٣) .
(٢) انظر الحديث فى: المعجم الكبير للطبرانى (٧/ ٣١) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٦/ ١٤٣) .
(٣) انظر الحديث فى: صحيح مسلم فى كتاب الجهاد (٣/ ١٣٢/ ١٤٣٣، ١٤٤١) .