للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفىء وأخذ هذه القلادة التى تزين فى عنقى فأعطانيها وعلقها بيده فى عنقى، فو الله لا تفارقنى أبدا. قالت: فكانت فى عنقها حتى ماتت ثم أوصت أن تدفن معها.

واستشهد بخيبر من المسلمين نحو من عشرين رجلا منهم عامر بن الأكوع عم سلمه ابن عمرو بن الأكوع؛ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال له فى مسيره إلى خيبر: «انزل يا ابن الأكوع فخذ لنا من هناتك» «١» فنزل يرتجز برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

والله لولا الله ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا

إنا إذا قوم بغوا علينا ... وإن أرادوا فتنة أبينا

فأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يرحمك الله» «٢» . فقال عمر بن الخطاب: وجبت والله يا رسول الله لو أمتعتنا به! فقتل يوم خيبر شهيدا، وكان قتله أن سيفه رجع عليه وهو يقاتل فكلمه كلما شديدا فمات منه، فكان المسلمون قد شكوا فيه وقالوا: إنما قتله سلاحه، حتى سأل ابن أخيه سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأخبره بقول الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه لشهيد» «٣» ، وصلى عليه. فصلى عليه المسلمون.

ومنهم الأسود الراعى من أهل خيبر، وكان من حديثه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محاصر لبعض حصون خيبر ومعه غنم كان فيها أجيرا لرجل من يهود، فقال: يا رسول الله، أعرض علىّ الإسلام فعرضه عليه فأسلم. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحقر أحدا أن يدعوه إلى الإسلام ويعرضه عليه، فلما أسلم قال: يا رسول الله، إنى كنت أجيرا لصاحب هذه الغنم وهى أمانة عندى فكيف أصنع بها؟ قال: «اضرب فى وجوهها فإنها سترجع إلى ربها» - أو كما قال- فقام الأسود فأخذ حفنة من الحصباء فرمى بها فى وجهها وقال: ارجعى إلى صاحبك فو الله لا أصحبك. وخرجت مجتمعة كأن سائقا يسوقها حتى دخلت الحصن، ثم تقدم الأسود إلى ذلك الحصن ليقتل مع المسلمين فأصابه حجر فقتله، وما صلى لله صلاة قط، فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع خلفه وسجى بشملة كانت عليه فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه ثم أعرض


(١) انظر الحديث فى: السنن الكبرى للبيهقى (٤/ ١٦) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٦/ ١٤٨) ، التاريخ الكبير للبخارى (٨/ ١٠٠) ، فتح البارى لابن حجر (٧/ ٤٦٥) ، الطبقات الكبرى لابن سعد (٤/ ٢/ ٣٧) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤/ ١٨٢) .
(٢) انظر الحديث فى: البداية والنهاية لابن كثير (٤/ ١٨٣) .
(٣) انظر الحديث فى: السنن الكبرى للبيهقى (٤/ ١٦) .