للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عدى فقال أحدهم: والله ما رأيت كالليلة أشبه بمشية عمرو بن أمية، لولا أنه بالمدينة لقلت هو عمرو بن أمية. فلما حاذى عمرو الخشبة شد عليها فاحتملها وخرج هو وصاحبه شدا وخرجوا وراءه حتى أتى جرفا بمبسط يأجج فرمى بالخشبة فى الجرف فغيبه الله عنهم فلم يقدروا عليه.

قال عمرو بن أمية: وقلت لصاحبى: النجاء حتى تأتى بعيرك فتقعد عليه فإنى شاغل عنك القوم وكان الأنصارى لا رجلة له. قال: ومضيت حتى اخرج على ضجنان ثم آويت إلى جبل فأدخل كهفا، فبينا أنا فيه دخل على شيخ من بنى الديل أعور فى غنيمة فقال: من الرجل؟ فقلت: من بنى بكر فمن أنت؟ قال: من بنى بكر. قلت: مرحبا فاضطجع. ثم رفع عقيرته فقال:

ولست بمسلم ما دمت حيا ... ولا دان لدين المسلمينا

فقلت فى نفسى: ستعلم. فأمهلته حتى إذا نام أخذت قوسى فجعلت سيتها فى عينه الصحيحة ثم تحاملت عليه حتى بلغت العظم. ثم خرجت النجاء حتى جئت العرج ثم سلكت ركوبه حتى إذا هبطت النقيع «١» إذا رجلان من قريش من المشركين كانت قريش بعثتهما عينا إلى المدينة ينظران ويتحسسان فقلت: استأسرا. فأبيا فأرمى أحدهما بسهم فأقتله واستأسر الآخر فأوثقته رباطا وقدمت به المدينة «٢» .

وسرية زيد بن حارثة إلى مدين فأصاب سبيا من أهل ميناء وهى السواحل وفيها جماع من الناس فبيعوا ففرق بينهم يعنى بين الأمهات والأولاد فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يبكون فقال: ما لهم؟ فقيل: يا رسول الله، فرق بينهم. فقال: «لا تبيعوهم إلا جميعا» «٣» .

وغزوة سالم؛ بن عمير أبا عفك أحد بنى عمرو بن عوف وكان نجم نفاقه حين قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن سويد بن صامت فقال:

لقد عشت دهرا وما إن أرى ... من الناس دارا ولا مجمعا


(١) العرج: واد بالحجاز. ركوبة: ثنية بين الجرميت. النقيع: موضع ببلاد مزينة.
(٢) انظر الحديث فى: دلائل النبوة للبيهقى (٣/ ٣٣- ٣٣٧) بطوله. وذكره الطبرى فى تاريخه (٢/ ٧٩، ٨٠) مختصرا، والبيهقى فى السنن الكبرى (٩/ ٢١٣) ، ابن سعد فى الطبقات (٢/ ٩٣، ٩٤) ، ابن كثير فى البداية والنهاية (٦٩- ٧١) .
(٣) انظر الحديث فى: سنن سعيد بن منصور (٢/ ٢٦٦١) ، الإصابة لابن حجر (٣/ ٢٧٥) . وانظر السيرة (٤/ ٢٥٧) ، وفيه قال ابن هشام يعقب على الحديث: أراد الأمهات والأولاد.