للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلى الله عليه وسلم فاستوبأوا المدينة وطلحوا وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاح ترعى ناحية الجماء يرعاها عبد له يقال له: يسار، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابه فى غزوة بنى محارب وبنى ثعلبة، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو خرجتم إلى اللقاح فشربتم من ألبانها وأبوالها» ، فخرجوا إليها فلما صحوا وانطوت بطونهم عكنا عدوا على راعى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذبحوه وغرزوا الشوك فى عينيه واستاقوا اللقاح فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فى آثارهم كرزا فلحقهم، فأتى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من غزوة ذى قرد فقطع أيديهم وسمل أعينهم، وألقوا فى الحرة يستسقون، فلا يسقون حتى ماتوا «١» .

وغزوة على بن أبى طالب اليمن، غزاها مرتين. وقال أبو عمر المدينى: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم على بن أبى طالب إلى اليمن وبعث خالد بن الوليد فى جند آخر وقال: «إن التقيتما فالأمير على بن أبى طالب» «٢» .

ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد بن حارثة إلى الشام وأمره ان يوطىء الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين، وهو آخر بعث أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم. فتجهز الناس وأوعب مع أسامة المهاجرون الأولون. فبينا الناس على ذلك ابتدىء رسول الله صلى الله عليه وسلم بشكوه الذى قبضه الله فيه إلى ما أراد من رحمته وكرامته، فلم ينفذ بعث أسامة إلا بعد وفاته صلوات الله عليه ورحمته وبركاته «٣» .

وسيأتى ذكر ذلك مستوفى إن شاء الله.

فهذه مغازى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعوثه وسراياه التى أعز الله بها الدين ودوخ بها الكافرين، وشد أزره فيها بمن اختاره لصحبته ونصرته من الأنصار والمهاجرين رضى الله عنهم أجمعين وتلك أيام الله التى يجب بها التذكر والتذكير، ويتأكد شكر الله سبحانه على ما يسرته منها المقادير.

وقال حسان بن ثابت يعدد أيام الأنصار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكر مواطنهم معه فى


(١) انظر الحديث فى: مجمع الزوائد للهيثمى (٦/ ٢٩٤) ، سنن النسائى (٧/ ٤٠٤١) ، مسند الإمام أحمد (٣/ ١٠٧، ١٦٣، ١٧٠، ١٧٧، ١٨٦، ١٩٨، ٢٠٥، ٢٣١، ٢٨٧، ٢٩٠) ، سنن أبى داود (٤/ ٤٣٦٤- ٤٣٦٨) .
(٢) انظر الحديث فى: تاريخ الطبرى (٢/ ٢٩٧) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٨/ ٩٨) .
(٣) انظر: السيرة (٤/ ٢٦٣- ٢٦٤) .