للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بجوائز، وفضل الأشج عليهم، فأعطاه اثنتى عشرة أوقية، ونشا، وذلك أكثر مما كان يجيز به الوفود.

وقدم فى هذا الوفد الجارود بن عمرو، وكان نصرانيا، فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمه، فعرض عليه الإسلام، ودعا إليه، ورغبه فيه. فقال: يا محمد، إنى كنت على دين، وإنى تارك دينى لدينك، أفتضمن لى دينى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم، أنا ضامن أن قد هداك الله إلى ما هو خير منه» . فأسلم وحسن إسلامه، وأراد الرجوع إلى بلاده، فسأل النبى صلى الله عليه وسلم حملانا، فقال: «والله ما عندى ما أحملكم عليه» ، قال: يا رسول الله، فإن بيننا وبين بلادنا ضوال من ضوال الناس، أفنتبلغ عليها إلى بلادنا؟ قال: «لا» ، إياك وإياها، فإنما تلك حرق النار» «١» .

فخرج من عنده الجارود راجعا إلى قومه، وكان حسن الإسلام، صليبا فى دينه، حتى هلك وقد أدرك الردة، فلما رجع من كان أسلم من قومه إلى دينهم الأول مع الغرور بن المنذر بن النعمان، قام الجارود فتشهد بشهادة الحق، ودعا إلى الإسلام، فقال:

يا أيها الناس، إنى أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأكفر من لم يتشهد. ويروى: وأكفىء من لم يشهد «٢» .

[وفد بنى مرة]

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بنى مرة، ثلاثة عشر رجلا رأسهم الحارث بن عوف، وذلك منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك، جاؤه وهو فى المسجد، فقال الحارث بن عوف: يا رسول الله، إنا قومك وعشيرتك، نحن قوم من بنى لؤى بن غالب، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال للحارث: «أين تركت أهلك» ؟ قال: بسلاح وما والاها قال:

«فكيف البلاد؟ قال: والله، إنا لمستنون وما فى المال مخ، فادع الله لنا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اسقهم الغيث» ، فأقاموا أياما، ثم أرادوا الإنصراف إلى بلادهم، فجاؤا رسول الله صلى الله عليه وسلم مودعين له، فأمر بلالا أن يجيزهم، فأجازهم بعشر أواق، عشر أواق فضة، وفضل الحارث بن عوف، أعطاه اثنتى عشرة أوقية، ورجعوا إلى بلادهم، فوجدوا البلاد


(١) انظر الحديث فى: مسند الإمام أحمد (٥/ ٨٠) ، مصنف عبد الرزاق (١٠/ ١٨٦٠٤) ، السلسلة الصحيحة للألبانى (٦٢٠) .
(٢) انظر: السيرة (٤/ ٢٠١) .