للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مطيرة، فسألوا: متى مطرتم؟ فإذا هو ذلك اليوم الذى دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه.

فقدم عليه قادم بعد وهو يتجهز لحجة الوداع، فقال: يا رسول الله، رجعنا إلى بلادنا فوجدناها مضبوطة مطرا، لذلك اليوم الذى دعوت لنا فيه، ثم قلدتنا أقلاد الزرع فى كل خمس عشرة ليلة مطرة جودا، ولقد رأيت الإبل تأكل وهى بروك، وإن غنمنا ما توارى من أبياتنا، فترجع فتقيل فى أهلنا. فقال رسول الله: «الحمد الله الذى هو صنع ذلك «١» » .

[وفد خولان]

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شعبان من سنة عشر وفد خولان، وهم عشرة، فقالوا:

يا رسول الله، نحن على من وراءنا من قومنا، ونحن مؤمنون بالله عز وجل مصدقون برسوله، قد ضربنا إليك آباط الإبل، وركبنا حزون الأرض وسهولها، والمنة لله ولرسوله علينا، وقدمنا زائرين لك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما ذكرتم من مسيركم إلى فإن لكم بكل خطوة خطاها بعير أحدكم حسنة، وأما قولكم زائرين لك، فإنه من زارنى بالمدينة كان فى جوارى يوم القيامة» . قالوا: يا رسول الله، هذا السفر الذى لا توى عليه. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما فعل عم أنس؟» وهو صنم خولان الذى كانوا يعبدونه قالوا:

بشر وعر، بدلنا الله به ما جئت به، وقد بقيت منا بعد بقايا من شيخ كبير وعجوز كبيرة متمسكون به، ولو قد قدمنا عليه هدمناه إن شاء الله فقد كنا فى غرور وفتنة يا رسول الله، إن فتنته كانت أعظم مما عسينا أن نذكره لك، فالحمد لله الذى من علينا بك، وتنقذنا من الهلكة، وما مضى عليه الآباء من عبادته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وما أعظم ما رأيتم من فتنته؟» قالوا: يا رسول الله، لقد رأيتنا وأسنتنا حتى أكلنا الرمة، ومات الولدان غرما، وهلكت ناغيتنا وراعيتنا وحافرنا أو ما ذهب منها. فقلنا، أو من قال منا: قربوا لعم أنس قربانا يشفع لكم، فتغاثوا فتعاونوا، فجمعنا ما قدرنا عليه من عين مالنا، ثم ذهب ذاهبنا فابتاع مائة ثور، ثم حشرها علينا، فنحرناها فى غداة واحدة، وتركناها تردها السباع، ونحن أحوج إليها من السباع، فجاءنا الغيث من ساعتنا، فأى فتنة أعظم من هذه، فلقد رأينا العشب يوارى الرجال، ويقول قائلنا: أنعم علينا عم أنس.


(١) انظر الحديث فى: البداية والنهاية لابن كثير (٥/ ٨٩) ، دلائل النبوة لأبى نعيم (١٦٠) ، طبقات ابن سعد (١/ ٢/ ٤٣) .