للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا رب يوم لو مرضت لعادنى ... عوائد من لم يشف منهن يجهد

فليت اللواتى عدننى لم يعدننى ... وليت اللواتى غبن عنى شهد

فلما مات عمدت امرأته إلى ما كان من كتبه التى قطع له رسول الله صلى الله عليه وسلم فحرقتها بالنار «١» .

وأما عدى بن حاتم «٢» ، فكان يقول فيما ذكر عنه: ما من رجل من العرب كان أشد كراهية لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع به منى، أما أنا فكنت امرأ شريفا، وكنت نصرانيا، وكنت أسير فى قومى بالمرباع، فكنت فى نفسى على دين. وكنت ملكا فى قومى، لما كان يصنع بى قومى، وما كان يصنع فى أهل دينى، فلما سمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم كرهته، فقلت لغلام كان لى عربى وكان راعيا لإبل لى: لا أبا لك، أعدد لى من إبلى أجمالا ذللا سمانا، فاحتبسها قريبا منى، فإذا سمعت بجيش لمحمد قد وطىء هذه البلاد فآذنى؛ ففعل، ثم إنه أتانى ذات غداة، فقال: يا عدى، ما كنت صانعا إذا غشيك خيل محمد فاصنعه الآن، فإنى قد رأيت رايات، فسألت عنها، فقالوا: هذه جيوش محمد، قلت: فقرب إلى أجمالى، فقربها، فاحتملت بأهلى وولدى، ثم قلت: ألحق بأهل دينى من النصارى بالشام، وخلفت بنتا لحاتم فى الحاضر، فلما قدمت الشام أقمت بها.

وتخالفنى خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتصيب بنت حاتم فيمن أصابت، فقدم بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سبايا من طىء، فجعلت بنت حاتم فى حظيرة بباب المسجد، كانت السبايا تحبس فيها، فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان بلغه هربى إلى الشام، فقامت إليه، وكانت امرأة جزلة، فقالت: يا رسول الله، هلك الوالد، وغاب الوافد، فامنن علىّ من الله عليك، قال: «ومن وافدك؟» قالت عدى بن حاتم. قال: «الفار من الله ورسوله؟» قالت: ثم مضى وتركنى، حتى إذا كان من الغد مر بى، فقلت له مثل ذلك، وقال لى مثل ما قال بالأمس. قالت: حتى إذا كان بعد الغد مر بى وقد يئست، فأشار إلى رجل من خلفه أن قومى فكلميه؛ فقمت إليه، فقلت: يا رسول الله، هلك الوالد، وغاب


(١) انظر الحديث فى: طبقات ابن سعد (١/ ٢/ ٥٩) ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر (٦/ ٣٦) ، دلائل النبوة للبيهقى (٥/ ٣٣٧) ، تاريخ الطبرى (٢/ ٢٠٣) .
(٢) انظر ترجمته فى: الاستيعاب الترجمة رقم (١٨٠٠) ، الإصابة الترجمة رقم (٥٤٩١) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٣٦١٠) ، طبقات خليفة (٤٦٣، ٩٠٤) ، مروج الذهب (٣/ ١٩٠) ، جمهرة أنساب العرب (٤٠٢) ، تاريخ بغداد (١/ ١٨٩) ، تاريخ الإسلام (٣/ ٤٦) ، تهذيب التهذيب (٧/ ١٦٦) ، تهذيب الكمال (٩٢٥) ، خلاصة تذهيب الكمال (٢٢٣) ، سير أعلام النبلاء (٣/ ١٦٢) ، شذرات الذهب (١/ ٧٤) .