للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوافد، فامنن على من الله عليك؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد فعلت، فلا تعجلى بخروج حتى تجدى من قومك من يكون لك ثقة، حتى يبلغك إلى أهلك، ثم آذنينى» .

فسألت عن الرجل الذى أشار إلى أن كلميه، فقيل: على بن أبى طالب، وأقمت حتى قدم ركب من بلى أو قضاعة، وإنما أريد أن آتى أخى بالشام، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، قد قدم رهط من قومى، لى فيهم ثقة وبلاغ. فكسانى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملنى، وأعطانى نفقة، فخرجت معهم حتى قدمت الشام.

قال عدى: فو الله إنى لقاعد فى أهلى، إذ نظرت إلى ظعينة تصوب إلى تؤمنا، قلت:

ابنة حاتم؟ فإذا هى هى، فلما وقفت على انسحلت تقول: القاطع الظالم، احتملت بأهلك وولدك، وتركت بقية والدك عورتك، قلت: أى أخية، لا تقولى إلا خيرا، فو الله ما لى من عذر، لقد صنعت ما ذكرت.

ثم نزلت فأقامت عندى، فقلت لها، وكانت امراة حازمة: ماذا ترين فى أمر هذا الرجل؟ قالت: أرى والله أن تلحق به سريعا، فإن يكن الرجل نبيا فللسابق إليه فضله، وإن يك ملكا فلن تذل فى عز اليمن، وأنت أنت، قلت: والله، إن هذا للرأى.

فخرجت حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فدخلت عليه، وهو فى مسجده، فسلمت عليه، فقال: «من الرجل؟» فقلت: عدى بن حاتم؛ فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق بى إلى بيته، فو الله إنه لعامد بى إليه، إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة، فاستوقفته، فوقف لها طويلا تكلمه فى حاجتها؛ قال: قلت فى نفسى: والله ما هذا بملك، قال: ثم مضى بى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا دخل بى بيته، تناول وسادة من أدم محشوة ليفا، فقذفها إلى؛ فقال: «اجلس على هذه» ، قال: قلت: بل أنت فاجلس عليها، قال: «بل أنت» ، فجلست عليها، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأرض؛ فقلت فى نفسى: والله ما هذا بأمر ملك، ثم قال: «إيه يا عدى بن حاتم! ألم تك ركوسيا؟» قلت: بلى، قال: «أولم تكن تسير فى قومك بالمرباع؟» قلت: بلى، قال: «فإن ذلك لم يكن يحل لك فى دينك» ؛ قلت: أجل والله، وعرفت أنه نبى مرسل يعلم ما يجهل، ثم قال: «لعلك يا عدى إنما يمنعك من الدخول فى هذا الدين ما ترى من حاجتهم، فو الله ليوشكن المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه؛ ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه ما ترى من كثرة عدوهم وقلة عددهم، فو الله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت، لا تخاف؛ ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه أنك ترى أن الملك