للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآهم قال: «من هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند؟» يعنى فى الطول والسمرة قيل: يا رسول الله، هؤلاء بنو الحارث بن كعب، فلما وقفوا عليه سلموا، وقالوا: نشهد أنك لرسول الله، وأنه لا إله إلا الله؛ قال: «وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله» ، ثم قال: «أنتم الذين إذا زجروا استقدموا» ، فسكتوا، فلم يراجعه منهم أحد، ثم أعادها الثانية، فلم يراجعه منهم أحد، ثم أعادها الثالثة، فلم يراجعه منهم أحد، ثم أعادها الرابعة، فقال يزيد بن عبد المدان: نعم، يا رسول الله، نحن الذين إذا زجروا استدقموا، قالها أربع مرات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أن خالدا لم يكتب إلى بأنكم أسلمتم ولم تقاتلوا لألقيت رؤسكم تحت أقدامكم» . فقال يزيد بن عبد المدان: أما والله ما حمدناك ولا حمدنا خالدا، قال: «فمن حمدتم؟» قالوا: حمدنا الله الذى هدانا بك يا رسول الله، قال: «صدقتم» ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بم كنتم تغلبون من قاتلكم فى الجاهلية» ؟ قالوا: لم نك نغلب أحدا؛ قال: «بلى، قد كنتم تغلبون من قاتلكم» . قالوا: كنا نغلب من قاتلنا يا رسول الله، إنا كنا نجتمع ولا نفترق ولا نبدأ أحدا بظلم؛ قال: «صدقتم» . وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على بنى الحارث بن كعب قيس بن الحصين «١» .

فرجع وفد بنى الحارث إلى قومهم فى بقية شوال أو فى صدر ذى القعدة، فلم يمكثوا بعد أن رجعوا إلى قومهم إلا أربعة أشهر، حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليهم بعد أن ولى وفدهم عمرو بن حزم «٢» ، ليفقههم فى الدين، ويعلمهم السنة ومعالم الإسلام، ويأخذ منهم صدقاتهم، وكتب لهم كتابا


(١) انظر الحديث فى: دلائل النبوة للبيهقى (٥/ ٤١١، ٤١٢) ، الطبقات الكبرى لابن سعد (١/ ٣٣٩، ٣٤٠) .
(٢) انظر ترجمته فى: الاستيعاب الترجمة رقم (١٩٢٩) ، الإصابة الترجمة رقم (٥٨٢٦) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٣٩٠٥) ، نسب قريش (٢٣٣) ، طبقات خليفة (٢٠) ، التاريخ الكبير (٦/ ٣٠٥) ، تاريخ الثقات للعجلى (٣٦٣) ، المعرفة والتاريخ (١/ ٣٢٣) ، أنساب الأشراف (١/ ٢٢٨) ، مشاهير علماء الأمصار الترجمة رقم (٢٨٦) ، مروج الذهب (١٨٩٦) ، الجرح والتعديل (٦/ ٢٢٦) ، سير أعلام النبلاء (٣/ ٤١٧) ، العقد الثمين (٦/ ٣٦٨) ، تهذيب التهذيب (٨/ ١٧) ، تقريب التهذيب (٢/ ٦٧) ، تذهيب التهذيب (٢٤٤) ، تاريخ الإسلام (٢/ ٤٩٢) ، شذرات الذهب (١/ ٩٥) .