للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رباح «١» (المؤذن) بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على


(١) واسم أمه حمامة، مولاة لبني جمح، شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عبدا لأميّة بن خلف، فأسلم مع أبي بكر، وزيد بن حارثة، وعلي، والسيدة خديجة. وأشار الحافظ السيوطي إلى الخلاف في أول من أسلم منهم مع الجمع بين الأقوال بقوله:
واختلفوا أوّلهم إسلاما ... وقد رأوا جمعهم انتظاما
أول من أسلم في الرجال ... صديقهم وزيد في الموالي
وفي النسا خديجة وذي الصغر ... علي، والرق بلال اشتهر
وكان أميّة لعنه الله يعذّب بلالا، حتى كان يضجعه في الرمضاء ببطحاء مكة، ويطرح عليه الحجارة، ويقول له: لا تزال كذلك، أو تكفر بمحمّد وإلهه، وبلال يقول: أحد أحد، وقد نهى ورقة بن نوفل عن تعذيبه، ولمّا رأى أبو بكر ذلك عظم عليه الأمر، فكلم أميّة أن يعطيه نسطاسا عبدا لأبي بكر كثير الخراج، إلّا أنّه متمرد إذ ذاك ويأخذ بدله بلالا، ففعل، فأعتق أبو بكر بلالا لوجه الله تعالى، لا لنعمة عنده تجزى، إلّا ابتغاء وجه ربه الأعلى، قال سيدنا عمر رضي الله عنه: أبو بكر سيدنا أعتق سيدنا. قال بعضهم:
أبو بكر حباه الله مالا ... فمذ دعى أجاب نعم بلا: لا
فكم واسى النبي بكل خير ... وأعتق من ذخائره بلالا
فلو أنّ البحر يبغضه اعتقادا ... لما أبقى الإله به بلالا
وكان من قضاء الله وقدره أنّ نسطاسا أسر يوم بدر، ثمّ أسلم بعد أحد رضي الله عنه، وأنّ بلالا قتل أميّة هذا الذي كان يعذبه، وولده عليا، ولذا هنّأه أبو بكر بقوله:
هنيئا زادك الرّحمن فخرا ... لقد أدركت ثأرك يا بلال
وكان يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم حضرا وسفرا، وهو أول من أذن في الإسلام، واستمرّ حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمّ-

<<  <   >  >>