للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القيس؛ فأفسدهم الخريت على عليّ ودعاهم إلى خلافه، فصار معه بشر كثير منهم وممن والاهم من سائر العرب، وقال: إن حكم علي الذي رضي به قد خلعه، والأمر بين المسلمين شورى، وقال لمن يرى رأي عثمان: إنه قتل مظلوما وأنا أطلب بدمه.

وكتب عليّ إلى أهل الأسياف يدعوهم إلى الطاعة، وأمر معقل بن قيس أن ينصب لهم راية أمان؛ فنصبها فانفضّ عن الخريت عامة من اتبعه من الناس، وكان معه قوم من النصارى أسلموا فاغتنموا فتنته فارتدّوا وأقاموا معه، وارتدّ قوم ممن وراءهم.

وقال الخريت لقومه: امنعوا يا قوم حريمكم. فقال له رجل منهم:

هذا ما جنيته علينا. فقال: سبق السيف العذل وقد صابت بقر (١).

وكان الخريت يوهم للخوارج انه على رأيهم، ويوهم للعثمانية انه يطلب بدم عثمان.

ثم إن معقلا عبأ أصحابه وانشب الحرب بينه وبين الخريت ومن معه، فصبرا ساعة؛ وحمل النعمان بن صهبان على الخريت فطعنه طعنة فصرعه ونزل إليه فوجده قد استقل، فحمل الخريت عليه فاختلفا ضربتين فقتله النعمان بضربته، وقتل أكثر ذلك الجمع وهرب فلهّم يمينا وشمالا.

وبعث معقل الخيل في مظان بني ناجية فأتى منهم برجال ونساء وصبيان. فأما من كان منهم مسلما فإنه منّ عليه وخلّى سبيله، وأمّا من كان نصرانيا أو مرتدا فإنه عرض عليهم الإسلام فمن قبله تركه، ومن لم يقبله وكان نصرانيا سباه.


(١) - فتنة باقرة: صادعة للألفة شاقة للعصا. وبيقر: هلك وفسد، والبقارى: الكذب والداهية. القاموس.