للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوقع في ابن الحنفية وتنقصه وقال: أما والله ما صاحبكم بمرضيّ الدين، ولا محمود الرأي، ولا راجح العقل، ولا لهذا الأمر بأهل.

فقام عبد الله بن هانئ فقال: قد فهمت ما ذكرت به ابن عمك من السوء، ونحن أعلم به وأطول معاشرة له منك، وأنت تقتل من لم يبايعك، وهو يقول والله ما أحب أن الأمة بايعتني كلها غير سعد مولى معاوية، فبعثت إليه فقتلته، وإنما عرض به لأنه كان بعث إلى سعد فقتله.

وكلمه عبد الله بن هانئ بكلام كثير فقال: إلهزوه وجؤوا (١) في قفاه.

فقال: أتفعل هذا في حرم الله وأمنه وجوار بيته؟ فقالوا له: لئن لم يضرّك إلا تركنا بيعتك لا يضرك شيء أبدا، ولا يلحقك مكروه، ودعا به فقال:

إيه، أبي تضرب الأمثال، وإياي تأتي بالمقاييس؟ فقال: ﴿إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ﴾ (٢) فقال ابن الزبير: ادفعوهم عني لعنكم الله من عصابة.

فأتوا ابن الحنفية فأخبروه بما كان بينهم وبين ابن الزبير، فجزاهم خيرا وعرض عليهم أن يعتزلوه فأبوا وقالوا: نحن معك في العسر واليسر، والسهل والوعر، لا نفارقك حتى يجعل الله لك فسحة وفرجا، وبايعوه على ذلك فقال لهم: إني بكم لمتأنس كثير، وسأله بعضهم أن يرصدوا ابن الزبير فيقتلوه إذا خرج من الحرم فكره ذلك، وقال: ما يسرني أني قتلت حبشيا مجدّعا ثم أجمع سلطان العرب كله.

وقدم على السبعة العشر الرجل من أبنائهم ثلاثة نفر: بشر بن


(١) - أي اضربوا وادفعوه. القاموس.
(٢) - سورة غافر - الآية:٢٧.