للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وكان يزيد سخيا وكان يطعم الناس طعاما واسعا ويؤتون قبل الطعام بعساس اللبن وبأنواع الأشربة. وكان جلساؤه وسمّاره داود بن أبي هند، وابن شبرمة وابن ابي ليلى، فقال ابن شبرمة:

اذا نحن أعتمنا وماد بنا الكرى … أتانا باحدى الركعتين عياض

يعني حاجبه. وكان يقضي في كل ليلة عشر حوائج، فإذا أصبح أنفذها. وكان ربما لحن في كلامه، فقال له سلم بن قتيبة في ذلك فتحفظ.

حدثنا المدائني قال: كتب أبو مسلم إلى أبي العباس: إن أهل الكوفة قد شاركوا شيعة أمير المؤمنين في الاسم، وخالفوهم في الفعل، ورأيهم في آل علي الرأي الذي يعلمه أمير المؤمنين، يؤتى فسادهم من قبلهم باغوائهم إياهم واطماعهم فيما ليس لهم، فالحظهم يا أمير المؤمنين بلحظة بوار ولا تؤهلهم لجوارك فليست دارهم لك بدار، واشار عليه أيضا عبد الله بن علي بنحو من ذلك، فابتنى مدينته بالأنبار وتحول إليها وبها توفي.

وأخذ يوما بيد عبد الله بن حسن فجعل يطوف به فيها وكان له مكرما، وكان ذلك لا يمنعه من حسد، فجعل يتمثل قول الشاعر:

ألم تر حوشبا أضحى يبنّي … منازل نفعها لبني بقيله

يؤمّل أن يعمّر عمر نوح … وأمر الله يأتي كل ليله

فتطيّر أبو العباس وقال: أفّ، لقلّ ما يملك الحسود نفسه ولسانه، فقال عبد الله: اقلني، فقال: لا أقالني الله إذا، اخرج عني، فخرج إلى المدينة. ويقال إنه أنشد هذا الشعر، وقد طوّفه الهاشمية حين استتمّ بناءها.