للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعث الوليد إلى عبد الله بن عمر أن بايع ليزيد فقال: إذا بايعت الناس بايعت، فتركوه لثقتهم بزهادته في الأمر وشغله بالعبادة.

وأخذ الوليد ممّن كان هواه مع ابن الزبير وميله إليه: عبد الله بن مطيع بن الأسود بن حارثة العدوي، وهو ابن العجماء - نسب إلى جدّته، وذلك اسمها، وهي خزاعيّة - ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف الزهري فحبسهما، فاجتمعت بنوعديّ إلى عبد الله بن عمر فقالوا: حبس صاحبنا مظلوما، وبلغ الوليد ذلك فصار إلى ابن عمر، فحمد ابن عمر الله وأثنى عليه وصلّى على نبيّه ثم قال: استعينوا على إقامة أمركم بالحقّ ولا تطلبوه بالظلم فإنّكم إن استقمتم أعنتم وإن جرتم وكلتم إلى أنفسكم، كفّ رحمك الله عن صاحبنا وخلّ سبيله فإنّا لا نعلم لكم حقّا تحبسونه به، فقال:

حبسته بأمر أمير المؤمنين، فنكتب وتكتبون، فانصرف ابن عمر واجتمع فتية من بني عديّ فانطلقوا حتى اقتحموا على ابن مطيع وهو في السجن فأخرجوه، فلحق بابن الزبير ثم رجع بعد فأقام بالمدينة.

وقد روي أيضا أنّ الحسين أتى الوليد فقال له الوليد: قد آن أن تعلم بموت معاوية وهو في مواليه وفتيانه، فلما رأى عنده مروان، وقد كانت بينه وبين الوليد تلك النّفرة قال: الصلة خير من القطيعة، والصلح خير من العداوة، وقد آن لكما أن تجتمعا، أصلح الله ذات بينكما، فلم يجيباه بشيء، وأقرأه الوليد كتاب يزيد ونعى إليه معاوية، ودعاه إلى البيعة، فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، رحم الله معاوية وأعظم لك الأجر، وأمّا البيعة فإنّ مثلي لا يبايع سرّا ولا أراك ترضى منّي إلاّ بإظهارها على رؤوس الناس، فإذا خرجت إليهم فدعوتهم إلى البيعة دعوتنا فكان أمرنا واحدا،