للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا ما لا يكون! فوثب الناس به وكان عبيد الله يقول: ما نزلت بزياد نازلة فاستجار فيها إلا بالأزد، فاستجار بمسعود بن عمرو الأزدي من ولد معن بن مالك بن فهر (١) بن غنم بن دوس، وكان مسعود يُدعى القمر لجماله، وهو جد الوجناء الحبلي فيما يقال، فأجار ابن زياد ومنعه، فمكث ابن زياد بالبصرة أربعين ليلة بعد موت يزيد، ثم خرج إلى الشام، واستخلف مسعوداً على البصرة، ووجّه معه مسعود مَن شخَصَ به إلى مأمنه من الشام؛ فقالت بنو تميم وقيس: لا نرضى ولا نولي علينا إلا رجلا ترضاه جماعتنا، فقال مسعود: استخلفني عبيد الله ولا أدع ذلك أبداً، وخرج في قومه حتى انتهى إلى القصر فدخله، واجتمعت بنو تميم إلى الأحنف بن قيس فقالوا له: إن الأزد قد دخلت المسجد، فقال الأحنف: وإن دخلوه فمه، إنما هو لكم ولهم وأنتم تدخلونه أيضاً، ثم قالوا: إن مسعوداً قد دخل القصر وصعد المنبر، وكانت خوارج قد خرجوا فنزلوا بنهر الأساورة حين مضى عبيد الله إلى الشام، فزعموا أن الأحنف بعث إلى أولئك الخوارج: إن الرجل الذي دخل القصر عدو لنا ولكم، فما يمنعكم أن تبدأوا به؟ فجاءت عصابة من الخوارج حتى دخلوا المسجد ومسعود على المنبر يبايع من أتاه، فضربه علج فارسي يقال له مسلم، وكان مسلم هذا دخل البصرة فأسلم وصار مع الخوارج، فضرب مسعوداً فقتله وخرج، فجال بعض الناس في بعض وقالوا: قتل مسعود، قتله الخوارج، فخرج الأزد إلى تلك الخوارج فقاتلوهم، فقتلوا منهم وطردوا من بقي وأخرجوهم عن البصرة، ودفنوا مسعود بن عمرو، وجاء ناس من


(١) في الاشتقاق لابن دريد - ط. القاهرة ١٩٥٨ ص ٥٠٢ "ابن فهم"، وهو الأصح.