للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناس إلى الأزد فقالوا: أتعلمون أن قيساً من بني تميم يزعمون أنهم قتلوا مسعوداً؟ فبقيت الأزد تسأل عن ذلك، فإذا قوم يقولون ويتحدثون بما كان من رسالة الأحنف، فاجتمعت الأزد عند ذلك إلى زياد بن عمرو بن الأشرف العتكي فرأسته عليها، ثم ازدلفوا إلى بني تميم وخرج مع الأزد مالك بن مسمع في بكر بن وائل، وأتت بنو تميم الأحنف فقالوا له: قد جاء القوم فأخرج، فجعل يتمكث حتى جاءته امرأة من بني تميم من قومه فقالت: يا أحنف اجلس على هذا، وأشارت إليه بإصبعها الإبهام، أي إنما أنت امرأة، فقال: استك أحق به، فما سمعت من الأحنف قط كلمة أرفث منها؛ ويقال إنها جاءته بمجمر فقال: استك أولى بالمجمر، ثم دعا الأحنف برايته فقال: اللهم أنصرها ولا تذلها، اللهم احقن دماءنا وأصلح ذات بيننا، وكانت قيس مع بني تميم، فسار الأحنف وسار بين يديه ابن أخته إياس بن قتادة بن أوفى من بني عيد شمس بن سعد، فالتقى القوم فاقتتلوا أشد قتال فقتل بينهم قتلى كثيرة، فقالت بنو تميم: الله الله يا معشر الأزد في دمائنا ودمائكم، بيننا وبينكم القرآن أو من شئتم من أهل الإسلام، فإن كانت لكم علينا بقتل مسعود بينة فاختاروا أفضل رجل منا فاقتلوه به، وإن لم تكن بينة فنحن نحلف لكم بالله أنا ما قتلنا ولا أمرنا، وإن الخوارج أعتمدت صاحبكم من قبل أنفسهم، وأنا لا نعرف قاتله، وإن كرهتم ذلك فنحن ندي صاحبكم مائة ألف درهم، فاصطلحوا، وأتاهم الأحنف في وجوه مضر إلى منزل زياد بن عمرو العتكي فقال لهم: يا معشر الأزد أنتم جيراننا في الدار وإخواننا عند القتال، وقد أتيناكم في رحالكم لنطفئ حسيكتكم (١) ونسلّ


(١) الحسيكة: الحقد والعداوة. القاموس.