للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعده، فقام الناس فبايعوا مسارعين غير مثقلين من عند آخرهم، حتى لم يبق منهم أحد.

المدائني عن خالد بن عطية قال: ولى يزيد بن معاوية عمرو بن سعيد المدينة فشكوه إلى يزيد فعزله، وولى مكانه عثمان بن محمد بن أبي سفيان، فلما قرب من المدينة تلقوه بذي خشب فشكوا إليه عمراً، فلما قدم عثمان خطبهم فمناهم ووعدهم ونال من عمرو وقال: ما كان قرشي ليفعل هذا بقريش، فقال عمرو من تحت المنبر: مهلاً يا عثمان فوالله ما أنا بحلو المذاق وإني لقمن المضرة ولقد ضرستني الأمور وجرستني الدهور فزعاً مرةً وأمنا مرة، وإن قريشاً لتعلم أني ساكن الليل، داهية النهار لا أتتبع الظلام، ولا أقمص (١) حاجبي ولا تستنكر شبهي، ولا أدعى لغير أبي.

وقيل لعمرو بن سعيد إلى من أوصى بك أبوك؟ قال: أوصى إلي ولم يوص بي.

[مقتل عمرو بن سعيد بن العاص]

قال أبو مخنف في روايته وغيره. كان عمرو بن سعيد أشد الناس في أمر مروان حتى ولي الخلافة، وقاتل معه الضحاك بن قيس الفهري يوم مرج راهط، فلما مات مروان وبويع عبد الملك بالخلافة بلغه أن مصعب بن الزبير بن العوام يريد الجزيرة متوجهاً من العراق، فسار عبد الملك حتى شارف الفرات ومعه عمرو بن سعيد الأشدق، فقال له عمرو: إنك تشخص إلى العراق فقد كان أبوك أوعدني (٢) أن يوليني الأمر بعده، وعلى ذلك قمت بشأنه وحاربت معه، فاجعل لي الأمر بعدك،


(١) يقال: وما بالعير من قماص: يضرب لضعيف لا حراك به، ولمن ذل بعد عز.
(٢) كذا بالأصول.