للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرماكم رجلا. والله لا تصلون إليّ حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي، ثم أضربكم بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، فافعلوا ما شئتم، دللتكم على مالي وخليتم سبيلي؟» قالوا: نعم، ففعل، فلما قدم على رسول الله ، قال: «ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع». قال: ونزلت: ﴿وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ﴾ (١).

- حدثنا هوذة بن خليفة، أنبأ عوف، عن أبي عثمان النهدي، قال:

بلغني أن صهيبا حين أراد الهجرة إلى المدينة، قالت له قريش: «أتيتنا صعلوكا حقيرا، فكثر مالك عندنا وبلغت ما بلغت، ثم تريد أن تنطلق بنفسك ومالك؛ والله لا يكون ذلك. قال: أرأيتكم إن تركت مالي لكم أتخلّون سبيلي؟ قالوا: نعم. فخلع لهم ماله. فبلغ النبي ذلك، فقال: «ربح صهيب، ربح صهيب» ونزلت فيه: ﴿وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ﴾ الآية.

- وقال الواقدي: قدم صهيب آخر الناس مع علي بن أبي طالب . وذلك للنصف من شهر ربيع الأول، ورسول الله بقباء، ولم يرم بعد، فوافى رسول الله وأبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وبين أيديهم رطب قد جاءهم به كلثوم بن الهدم: أمهات جراذين (٢). وكان صهيب رمد العين، قد رمد في الطريق، وأصابته مجاعة شديدة، فجعل يأكل الرّطب أكل جائع. فقال عمر: يا رسول الله، ألا ترى إلى صهيب يأكل الرطب وهو رمد؟ فقال رسول الله : «يا صهيب، أتأكل الرطب


(١) - سورة البقرة - الآية:٢٠٧.
(٢) - أم جرذان: نوع من النخيل معروف تجتمع تحتها الجرذان وتأكل منها، سميت بذلك، وهي آخر النخل ادراكا بالحجاز وهي بالمدينة كالبرني بالبصرة، ودعا لها النبي مرتين. المرصع لابن الأثير - ط. بغداد ١٩٧١.