للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان أبو بكر رضي الله تعالى عنه أراد الهجرة إلى الحبشة في المرة الثانية معه، ثم أقام مع النبي .

حدثني محمد بن سعد والوليد بن صالح: قالا: ثنا الواقدي عن معمر بن راشد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:

لما ابتلي المسلمون، وسطت بهم عشائرهم، خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة، وكان المشركون قد آذوه، فلما بلغ برك الغماد، لقيه ابن الدّغينة. وهو الحارث بن يزيد سيد القارة، فقال: أين تعمد يا أبا بكر؟ قال:

أخرجني قومي، فأنا أسيح في الأرض فأعبد ربي، فقال ابن الدّغينة:

«مثلك، يا أبا بكر، لا يخرج ولا يخرج، إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحقوق، فأنا لك جار.

فارجع». وأتى ابن الدغينة قريشا، فقال لهم: «ما مثل أبي بكر يخرج، أتخرجون رجلا يكسب المعدم، ويصل الرحم، ويحمل الكلّ، ويقري الضيف، ويعين على النوائب؟» فأنفذت قريش جوار ابن الدغينة، وأمنوا أبا بكر على أن يصلي ويقرأ في منزله، فمكث أبو بكر مستخفيا بصلاته وقراءته، يعبد الله في داره. ثم إنه ابتنى بفناء داره مسجدا، فبرز يصلي فيه. فكان يجتمع نساء المشركين وأبناؤهم حين يقرأ القرآن، فراع ذلك أشراف قريش، فبعثوا إلى ابن الدغينة فأخبروه بما يصنع أبو بكر، فقال ابن الدغينة لأبي بكر: قد علمت ما عاقدك القوم عليه؛ فإما أن تقتصر عليه وإما أن تردّ عليّ جواري وذمتي. فقال أبو بكر: فإني أرجع إليك جوارك وأرضى بجوار الله.

وكان الحارث بن خالد مع أبي بكر حين لقيه أولا، فقال له: إن معي رجلا من عشيرتي. فقال له ابن الدغينة: دعه فليمض لوجهه، وارجع أنت