للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها تمر كثير من تمر الصدقة، فأنهبه فلما قدم عليه جعل يضربه بدرّته ويقول:

أكلت تمري وعصيت أمري، فلما كان حصار الحجاج إيّاه، دعا الحجاج الجّراح بن الحصين فقال له حدثني حديث الملحد وحديثك فدعا وجوه من معه فقال: اسمعوا أهذا ممن يرجى لخير؟! قال: وقدم عبد الله بن درّاج، مولى معاوية مكة، فاتّهمه ابن الزبير فقتله، فقال ابن الزبير الأسدي:

أيها العائذ في مكّة كم … من دم أجريته في غير دم

أيد عائذة معصمة … ويد تقتل من جاء الحرم

قالوا: ولما كان قبل مقتل عبد الله بن الزبير بيوم، خطب الحجاج أصحابه وحضهم وقال: هذا الفتح قد حضر، وقد ترون خفّة من مع الملحد ابن الزبير من الرجال وقلتهم وما فيه أصحابه من الضيق والجهد، ففرحوا واستبشروا وملأوا ما بين الحجون إلى الأبواب.

وقالت أسماء بنت أبي بكر، أمّ عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهم: والله ما أنتظر إلاّ أن تقتل فأحتسبك، أو تظفر فأسرّ بظفرك فإن كنت على حق وبصيرة في أمرك فما أولاك بالجدّ ومنازلة هؤلاء القوم، وإلاّ فالسلم منهم أولى بك، فقال: يا أمّه إنّي أخاف إن قتلني أهل الشام أن يمثّلوا بي ويصلبوني، فقالت: يا بنيّ إنّ الشاة إذا ذبحت لم تألم السلخ، فامض على بصيرتك فاستعن بالله ربك فخرج ابن الزبير، فدفع أهل الشام دفعة منكرة، وقتل منهم ثم انكشف وأصحابه فرجع، وبلغ أمّه الخبر فقالت:

خذلوه وأحبّوا الحياة ولم ينظروا لدنياهم ولا آخرتهم، ثم قامت تصلّي وتدعو فتقول: اللهم إنّ عبد الله بن الزبير كان معظما لحرمتك، وقد جاهد فيك