للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدائني قال: دخل أسيلم بن الأخيف الأسدي على عبد الملك فأدناه، ثمّ قال له: أنشدني بعض ما قيل فيك، فامتنع فعزم عليه فأنشده شعرا:

ألا أيها الركب المجدون هل لكم … بسيد أهل الشام تحبوا وترجعوا

أسيلم ذاكم ليس يخفى مكانه … على مقلة ترنو وأذن تسمع

جلا المسك والحمام والبيض كالدمى … وفرق المذاري (١) رأسه فهو أنزع

فضحك عبد الملك، ثم قال: ما قال قيس بن الأسلت خير مما قلته، قال: وقد حصبت البيضة (٢) رأسي فما أطعم نوما غير تهجاع.

وزعموا أن رجلا من الأعراب أهدى إلى عبد الملك شيئا، فقال:

كيف أقبل هديتك وأنا أظنك لا تحسن أن تطاف (٣)، فقال: مهلا يا أمير المؤمنين، فوالله لأطيل المشي حتى أتوارى كراهة أن أرى، وأستقبل الريح، واشتم النسيم، وأقدم رجلا وأؤخر أخرى، وأخوي تخوية الظليم، وأمسح بالحجر، وأجتنب المدر، فضحك منه وقبل هديته، ووهب له.

حدثني مصعب بن عبد الله الزبيري عن مالك بن أنس قال: قال عبد الملك بن مروان لسعيد بن المسيب: يا أبا محمد صرت أعمل الخير فلا أسر به، وأفعل الشر فلا أسله، قال: الآن تكامل فيك موت القلب.

حدثني محمد بن سعد عن الواقدي عن مسلم بن حماد عن عمر بن حفص عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة قال: كنا في خلافة معاوية في آخرها نجتمع في حلقة في مسجد بالليل أناو مصعب بن الزبير،


(١) النزع من الرأس: هو انحسار الشعر من جانبي الجبهة وهو أنزع. ومذره تمذير فتمذر: فرقه فتفرق. القاموس.
(٢) الحصبة: بثور.
(٣) طاف: ذهب ليغوط. القاموس.