للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتبس شبيب رسل مطرف ليكونوا رهناء عنده بأصحابه، فلما دخلوا على مطرف قال سويد: السلام على من خاف مقام ربه وعرف الهدى وأهله. قال مطرف: أجل فسلّم الله أولئك فقصوا علينا أمركم وخبرونا إلى ما تدعون.

فحمد الله سويد وأثنى عليه ثم قال: الذي ندعو إليه كتاب الله وسنة نبيه، وقد نقمنا على قومنا الاستئثار بالفيء، وتعطيل الحدود، والتسلط بالجبرية. فقال مطرف: ما دعوتم إلا إلى حق، ولا أنكرتم إلا منكرا، ولا نقمتم إلاّ جورا ظاهرا، وأنا لكم على مثل هذا متابع فأجيبوني إلى ما أدعوكم إليه يجتمع أمري وأمركم، وتكن يدي وأيديكم واحدة.

قالوا: هات اذكر ما تريد أن تذكر، قال مطرف: أدعوكم إلى أن نقاتل هؤلاء الظلمة الغاصبين على ما أحدثوا وندعوهم إلى الكتاب والسّنة، وأن يكون هذا الأمر شورى بين المسلمين يولّون من ارتضوه على مثل الحال التي تركهم عليها عمر بن الخطاب، فإن العرب إذا علمت أنه إنما يراد الرضا من قريش رضوا وقنعوا، فإنما الأئمة من قريش. فقالوا: هذا ما لا نجيبك إليه يا بن المغيرة، ولو كان القوم يريدون غدرا كنت قد أمكنتهم من نفسك ففزع لها وقال: صدقت وإله موسى.

ومضى القوم فأخبروا شبيبا بقول مطرف، فطمع فيه، وبعث إليه من الغد سويدا، فانطلق ومعه رجل آخر، فقال له مطرف: من هذا الذي ليس لك دونه سرّ؟ قال: هذا الشريف الحسيب، هذا ابن مالك بن زهير بن جذيمة العبسي. قال مطرف: بخ بخ استكرمت، فاربط، إن كان دينه على قدر حسبه فهو الكامل.