للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحد من ولده. قال: فما تقول في خالد بن عبد الله؟. قال: ترفعه إمرته وتضعه أسرته. قال: فهذا من ولد المغيرة وهذا من ولد جرير وأنا خالد. فقال:

يا أم جحش انصرفي عنهم. فقالوا له: صر معنا إلى الكوفة نرفدك ونصلك ولا نؤاخذك بقولك. فقال: ما كنت لأستمنح قوما أسمعتهم كلاما. وانصرف (١).

حدثنا عبد الله بن صالح قال: بلغنا أنه دخل على خالد بالكوفة شيخ كبير فمثل بين يديه فقال: شيخ كبير ضرير، حدته إليك سنة أبدت العظام وألزمت الغني الإعدام، ذهب ماله، ودعدت (٢) آباله، وغيرت أحواله، فإن رأى الأمير أن يجبره بفضله، وينعشه بسجله، ويردّه إلى أهله. فقال خالد: ممن الرجل؟ وإياك أن تكذب فإن الكذب عار لازم وذل دائم. قال: رجل من بني تميم. قال: لا قرب الله دارك، ولا سهل محلك، ولا حيّا مزارك. فقال الأعرابي: ما رأيت كاليوم منطقا أقطع، ولا كلاما أشنع، ولا ردّا أوجع، لقد سمعت قولا أمرّ من الحنظل، وأيبس من الجندل، وأحرّ من المرجل، ما أعطيت من قدرة ولا نعشت من عثرة، ولا أقلت من صرعة.

قال خالد: هل لك في أن أقارعك وإن قرعتك لم أعطك شيئا، وإن قرعتني أعطيتك؟. فقارعه خالد فقرعه فقال: أقلني فأقاله. ثم قارعه فقرعه خالد فقال: أقلني فأقاله، ثم قارعه فقرع خالدا فقال: أقلني. قال: لا أقالني الله إذا. قال: أعطوه بدرة يدخلها في حر أمه، فقال الأعرابي: وأخرى في استها، فضحك وأمر له ببدرتين.


(١) بهامش الأصل: قال ابن الأعرابي: هذا الخبران مصنوعان.
(٢) التدعدع: مشية الشيخ الكبير. القاموس.