للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثني عبد الله بن صالح المقرئ عن ابن كناسة وغيره قالوا: كتب خالد إلى مالك بن المنذر أن خذ الفرزدق فاحبسه، وكان يحقد عليه أشياء، وأظهر أنه إنما حبسه لأنه هجا نهر هشام، فأمر مالك أيوب بن عيسى الضّبي، فاحتال له حتى أخذه. وكانت ضبة أخوال الفرزدق فهجا أيوب بشعر فيه:

ستأتي ابن زبّ الخنفساء قصيدة … يكون له مني عذابا يباشره

متتّ له بالرحم بيني وبينه … فألفيته مني بعيدا أواصره

وقلت امرؤ من آل ضبّة فاعتزى … إلى غيرهم جلد استه ومناخره

فلو كنت ضبّيا عرفت قرابتي … ولكنّ زنجيا غليظا مشافره (١)

فلما ورد بالفرزدق على مالك أمر أن يوقر حديدا ويجلس فقال، وكان يصلي قاعدا:

خذا بيديّ فارفعاني إليكما … لعلّي أصلّي قائما غير قاعد

لئن قارب القسريّ خطوي لطالما … تناولت أطراف الهموم الأباعد

بمأمومة الأعضاد خوص من السّرى … خفاف الأداوي ناقصات المراود (٢)

وقال أبو عبيدة: أخبرني أعين بن لبطة بن الفرزدق عن أبيه قال:

كنت آتي مالك بن المنذر لأنشده شعر أبي فأحجب، ويرسل إليّ: إنّ أمر أبيك إلى غيري، فالتمسوا له وجها سواي. فكتب الفرزدق مع ابن أخ له، ومعي إلى هشام بشعر يقول فيه:


(١) لم ترد هذه الأبيات في ديوان الفرزدق المطبوع.
(٢) ديوان الفرزدق ج ١ ص ١٣٢ - ١٣٣ مع فوارق كبيرة.