للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ما (أنت بمتهم، ولا يكون ذاك أبدا. فقال: أطعني واجعلني رسولك إليه فوالله لا يحل عقدة إلاّ شددتها، ولا يشد عقدة إلاّ حللتها، قال: إني والله ما أعطي على الذل، فكان العريان يقول: كأنك بها قد أخذت منه على الذل والصغار.

حدثنا العمري عن الهيثم عن ابن عياش أن بلال بن أبي بردة كتب إلى خالد، وهو عامله بالبصرة، حين بلغه تعتب هشام على خالد، يستأذنه في القدوم عليه، فأذن له فسار إلى الكوفة في يوم وليلة على الجمّازات (١) فقال له خالد: يا أبا عمرو لقد أتعبت نفسك فقال: لأنه بلغني تعتب أمير المؤمنين عليك، وما بغاك به ولده، وأهل بيته، فإن رأيت أن تعرض عليه بعض أموالنا ليأخذ من ذلك ما أحبّ فافعل، فإن أنفسنا طيبة بما نعطيه، فقال:

يا بلال إني والله ما أعطي شيئا قسرا، فقال: أتكلم أيها الأمير؟ قال:

نعم، قال: يقول لك هشام وليتك ولا شيء لك فلم تر على نفسك من الحق أن تعرض علي بعض ما صار إليك، وأخاف أن يزين له حسان النبطي ما لا تستطيع تلافيه ولا تداركه، فاغتنم هذه الفترة. قال: أنظر في ذلك فانصرف راشدا، فانصرف بلال وهو يقول: كأنكم بهذا الرجل وقد بعث إليه رجل بعيد الرحم، سخيف الدين، بغيض النفس، قليل الحياء، فأخذه بالإحن والترات، فكان كما قال.

وقال ابن عياش: كان بلال اتخذ داره بالكوفة، وإنما استأذن لينظر إلى داره، فما نزلها إلا مقيّدا، ثم جعلت سجنا إلى اليوم.


(١) جمز الإنسان والبعير، وثب، وهو عدو دون الحضر، وفوق العنق. القاموس.