للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مجتمعون في بيت عند الصفا، وهم أربعون، أو نيّف وأربعون بين رجال ونساء وكان مع رسول الله Object يومئذ: عمه حمزة، وعلي، وأبو بكر، فلقيه نعيم بن عبد الله فقال: أين تريد؟ قال: أريد محمدا هذا الصابئ الذي فرق أمر قريش، وسفه أحلامها، وعاب دينها، وسب آلهتها، وذم من مضى من آبائها، فأقتله فيرجع الأمر إلى ما كان عليه، أيظن محمد أن قريشا تنقاد له؟ كلا واللات والعزى، فقال له نعيم: قد والله غرتك نفسك يا عمر، أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض إذا قتلت محمدا، لا أعلم رجلا جاء قومه بمثل ما جئت به، فلئن تركناك لهي السوءة، ولئن نصرناك لتصطلمنّ. فقال عمر: إن مع عدي غيرها من قريش، وأراك تتكلم عنه وما أظنك إلا قد تبعته. فسكت نعيم وقال ارجع إلى بيتك فأقم أمره فقال: وأيّ أهل بيتي اتّبع محمدا؟ قال: فاطمة أختك، وختنك سعيد بن زيد قد والله أسلما. فقال عمر: أراك والله صادقا، إن سعيدا قد نازع إلى ما كان أبوه يدين به من خلاف قومه، وتركه أكل ذبائحهم، وحضور أعيادهم.

فمضى عمر يريدهما، قال نعيم: وندمت على إخباري إياه بما أخبرته به وإني لم أطو أمرهما عنه كما طويت أمر نفسي. وكان عمر قد رأى خبابا يختلف إليهما، قال: فدخل عمر على اخته وزوجها، وعندهما خباب، ومعه صحيفة فيها سورة طه وهو يقرئهما إياها، فلما سمعوا حسه تغيب خباب في مخدع لهم في البيت، وأخذت فاطمة الصحيفة فجعلتها تحت فخذها، فلما دخل عمر قال: ما هذه الهينمة (١) التي سمعت؟ قالا:


(١) الهينمة: الصوت الخفي. القاموس.