للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونهشل واحدة يريدون البصرة، فمروا بثمد القبينات (١) وغالب أبو الفرزدق جالس فأرادوا أن يشربوا فقال لهم غالب: الماء بين أيديكم وهذا ماء قليل فأبوا فمنعهم فأوثقوه وشربوا وبردوا، وبلغ الخبر الفرزدق فتبعهم في جماعة فشقّت أسقية القوم وأداويهم فقال الفرزدق:

لعمرو أبيك الخير ما رغم نهشل … عليّ ولا حرادتها بكبير

وقد علمت يوم القبينات نهشل … وحراداتها أن قد منوا بعسير

فكم شقّ من نحي هناك وقربة … وأجرد ضخم الخصيتين عقير (٢)

قالوا وكانت جعثن بنت غالب، أخت الفرزدق، امرأة صالحة، وكان الفرزدق نزل في بني منقر، والحي خلوف، فقامت عجوز منهم توقظ ابنتها فإذا أسود سالخ ممتد معها فاستغاثت بالفرزدق فحثا على الأسود التراب حتى انساب، وغمز الفرزدق الجارية، وقبلها فانتهرته وأمها فقال:

وملتفّة الساقين مرتجّة السلا … لهوت بها فبات تحتي فريقها

وأهون عيب المنقرية أنها … شديد ببطن الحنظليّ لصوقها (٣)

فأرسل بنو منقر رجلا منهم يقال له عمرو بن مرة، ويقال عمران، وأمروه أن يعرض لجعثن أخت الفرزدق، فخرج حتى أتى منازل آل غالب فلم يزل يراصد الحرّة حتى خرجت لحاجتها وعليها سواد من الليل، فغمز وركها ووضع يده على ساقها وجرها، فصاحت وخرجت الرجال تطلبه، ومرّ يمزع كمزع الظبي، وقال ابن محكان الربيعي يرد على الفرزدق:


(١) الثمد: الماء القليل، وفي معجم البلدان: القبيبات لا القبينات، وكذلك في ديوان الفرزدق «القبييات».
(٢) ديوان الفرزدق ج ١ ص ٢٠٤ مع فوارق وبدون البيت الأخير.
(٣) ليسا في ديوان الفرزدق المطبوع. وعجز البيت الأول مختل الوزن.