للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

-وقد كان الحبشي لما قرب مكة، بثّ قوما ممن معه للغارة؛ منهم رجل يقال له الأسود بن مقصود. فاطردوا إبلا لعبد المطلب. فأتى عبد المطلب الحبشي وهو في قبة له بالمغمس. وكان قائد الفيل صديقا له، فأدخله إليه وأخبره بشرفه. وكان عبد المطلب رجلا جميلا طويلا، له غديرتان، أهدب الأشفار، دقيق العرنين أشمه، رقيق البشرة، سهل الخدّين. فأكرمه الحبشي وأجلّه، وسأله عن حاجته. فقال: إبلي. فأمر بردّها، وقال: ما ظننتك جئتني إلا في أمر البيت. فقال عبد المطلب: إن للبيت ربّا سيمنعه ويحميه. وكان عبد المطلب وعمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم يطعمان الناس بمكة كل يوم، والحبشي مظلّهم، وقد هرب جلّ أهل مكة خوفا وإشفاقا. قال عبد الله بن عمر بن مخزوم، أبو عائذ:

أنت حبست الفيل بالمغمّس … من بعد ما كان بغير مجلس

أنت الجليل ربنّا لم تدنس

وقال عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، ويقال بل قالها أبو عكرمة عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، ويقال عكرمة وذلك غلط:

لاهم أخز الأسود بن مقصود … الآخذ الهجمة ذات التقليد

بين حراء فثبير فالبيد … اخفر به ربّ وأنت محمود

وقال عبد المطلب:

يا ربّ إنّ المرء يمن … ع رحله فامنع حلالك

لا يغلبنّ صليبهم … ومحالهم غدوا محالك

فلئن فعلت فربما … أولى فآمر ما بدا لك

ولئن فعلت فإنه … أمر تتمّ به فعالك (١)


(١) - سيرة ابن هشام ج ١ ص ٣٥. المنمق لابن حبيب ص ٧٣ - ٧٦. طبقات ابن سعد ج ١ ص ٩٠ - ٩٢. تاريخ الطبري - ط. دار المعارف، القاهرة: ج ٢ ص ١٣٢ - ١٣٥.