للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لو أمددتماه بمائة ألف مقاتل ما كان ذلك بأغيظ لي من إخراجكما قيسا إليه، والله لقد كان قيس يداري لعليّ أمورا يقصر رأي عليّ عنها.

قال: فشهد قيس معه صفين ثم ولاه أذربيجان.

وقال أبو مخنف وعوانة وغيرهما: مكث عليّ ومعاوية في عسكريهما يومين، لا يرسل أحدهما إلى صاحبه، ثم إن عليا دعا سعيد بن قيس الهمداني، وبشير بن عمرو بن محصن أبا عمرة الأنصاري من بني النجار وشبث بن ربعي الرياحي من بني تميم، وعدي بن حاتم الطائي، ويزيد بن قيس وزياد بن خصفة فقال: ائتوا هذا الرجل وادعوه إلى الله وكتابه وإلى الجماعة والطاعة، ففعلوا فقال: وأنا أدعو صاحبكم إلى أن يسلم من قبله من قتلة عثمان إليّ لأقتلهم به، ثم يعتزل الأمر حتى يكون شورى.

قالوا: فتقاتل القوم باقي ذي الحجة، فكان هذا يخرج وجوه أصحابه ويخرج ذاك وجوه أصحابه نوائب فيقتتلون. ثم إن عليا ومعاوية تراسلا في المحرم - وهما متوادعان - فقال حابس بن سعد الطائي من أهل الشام:

كأنك بالتذابح بعد سبع … بقين من المحرم أو ثمان

تكون دماؤنا طلقا حلالا … لأهل الكوفة الحمر السمّان

وكان قول معاوية قولا واحدا لا ينثني عنه، فبعث إليه عليّ: لا أبقى الله عليك إن أبقيت؛ ولا أرعى عليك إن رعيت.

فلما أهلّ هلال صفر سنة سبع وثلاثين، أمر عليّ فنودي في أهل الشام بالإعذار إليهم، وحرّض الناس وأوصاهم أن يغضوا الأبصار ويخفضوا الأصوات، ويقلوا الكلام، ويوطّنوا أنفسهم على المجالدة والمنازلة ويستشعروا الصبر.