للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَحَقِيقَةُ واهِيَةٌ ضَعِيفَةٌ وَمُتَفَرِّقَةٌ، وَيُسْتَعَارُ الْوَهْيُ لِلسُّهُولَةِ وَعَدَمِ الْمُمَانَعَةِ، يُقَالُ:

وَهَى عَزْمُهُ، إِذَا تَسَامَحَ وَتَسَاهَلَ، وَفِي الْمَثَلِ «أَوْهَى مِنْ بَيْتِ الْعَنْكَبُوتِ» يُضْرَبُ لِعَدَمِ نُهُوضِ الْحُجَّةِ.

وَتَقْيِيدُهُ بِ يَوْمَئِذٍ أَنَّ الْوَهْيَ طَرَأَ عَلَيْهَا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ صُلْبَةً بِتَمَاسُكِ أَجْزَائِهَا وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي الْقُرْآنِ بِالرَّتْقِ كَمَا عَبَّرَ عَنِ الشَّقِّ بِالْفَتْقِ، أَيْ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ مَطْرُوقَةٌ مَسْلُوكَةٌ.

وَالْوَهْيُ: قَرِيبٌ مِنَ الْوَهْنِ، وَالْأَكْثَرُ أَنَّ الْوَهْيَ يُوصَفُ بِهِ الْأَشْيَاءُ غَيْرُ الْعَاقِلَةِ، وَالْوَهْنُ يُوصَفُ بِهِ النَّاسُ.

وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهَا صُعُودًا وَنُزُولًا خِلَافًا لِحَالِهَا مِنْ قَبْلُ قَالَ تَعَالَى: فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ [الرَّحْمَن: ٣٧] .

وَجُمْلَةُ وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها، حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ فَهِيَ، أَيْ ويومئذ الْمَلَكُ عَلَى

أَرْجَائِهَا.

والْمَلَكُ: أَصْلُهُ الْوَاحِدُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَتَعْرِيفُهُ هُنَا تَعْرِيفُ الْجِنْسِ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ، أَيْ جِنْسِ الْمَلَكِ، أَيْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَوْ جَمِيعِ الْمَلَائِكَةِ إِذَا أُرِيدَ الْاسْتِغْرَاقُ، وَاسْتِغْرَاقُ الْمُفْرَدِ أَصْرَحُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الشُّمُولِ، وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْكِتَابُ أَكْثَرُ مِنَ الْكُتُبِ، وَمِنْهُ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي [مَرْيَم: ٤] .

والأرجاء: النواحي بلغَة هُذَيْل، وَاحِدهَا رجا مَقْصُورا وألفه منقلبة عَن الْوَاو.

وَضَمِيرُ أَرْجائِها عَائِدٌ إِلَى السَّماءُ.

وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَعْمَلُونَ فِي نَوَاحِي السَّمَاءِ يُنَفِّذُونَ إِنْزَالَ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِالْجَنَّةِ وَسَوْقَ أَهْلِ النَّارِ إِلَى النَّارِ.

وَعَرْشُ الرَّبِّ: اسْمٌ لِمَا يُحِيطُ بِالسَّمَاوَاتِ وَهُوَ أَعْظَمُ مِنَ السَّمَاوَاتِ.

وَالْمُرَادُ بِالثَّمَانِيَةِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ: ثَمَانِيَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَقِيلَ: ثَمَانِيَةُ شُخُوصٍ، وَقِيلَ: ثَمَانِيَةُ صُفُوفٍ، وَقِيلَ ثَمَانِيَةُ أَعْشَارٍ، أَيْ نَحْوُ ثَمَانِينَ مِنْ مَجْمُوعِ عَدَدِ الْمَلَائِكَةِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَهَذَا مِنْ أَحْوَالِ الْغَيْبِ الَّتِي لَا يَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ