للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَ (لَوْ) مَصْدَرِيَّةٌ فَمَا بَعْدَهَا فِي حُكْمِ الْمَفْعُولِ لِ يَوَدُّ، أَي يَوَدُّ الِافْتِدَاءِ مِنَ الْعَذَابِ بِبَنِيهِ إِلَى آخِرِهِ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ يَوْمِئِذٍ بِكَسْرِ مِيمِ (يَوْمِ) مَجْرُورًا بِإِضَافَة (عَذَاب الله) . وَقَرَأَهُ نَافِعٌ وَالْكِسَائِيُّ بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى بِنَائِهِ لِإِضَافَةِ (يَوْمٍ) إِلَى (إِذْ) ، وَهِيَ اسْمٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ وَالْوَجْهَانِ جَائِزَانِ.

وَالِافْتِدَاءُ: إِعْطَاءُ الْفِدَاءِ، وَهُوَ مَا يُعْطَى عِوَضًا لِإِنْقَاذٍ مِنْ تَبِعَةٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:

وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ فِي الْبَقَرَةِ [٨٥] وَقَوْلُهُ: وَلَوِ افْتَدى بِهِ فِي آلِ عِمْرَانَ [٩١] ، وَالْمَعْنَى: لَوْ يَفْتَدِي نَفْسَهُ، وَالْبَاءُ بَعْدَ مَادَّةِ الْفِدَاءِ تَدْخُلُ عَلَى الْعِوَضِ الْمَبْذُولِ فَمَعْنَى الْبَاءِ التَّعْوِيضُ.

وَمَعْنَى مِنْ الِابْتِدَاءُ الْمَجَازِيُّ لِتَضْمِينِ فِعْلِ يَفْتَدِي مَعْنَى يَتَخَلَّصُ وصاحِبَتِهِ:

زَوْجُهُ.

وَالْفَصِيلَةُ: الْأَقْرِبَاءُ الْأَدْنَوْنَ مِنَ الْقَبِيلَةِ، وَهُمُ الْأَقْرِبَاءُ الْمَفْصُولُ مِنْهُمْ، أَيِ الْمُسْتَخْرَجُ مِنْهُمْ، فَشَمِلَتِ الْآبَاءَ وَالْأُمَّهَاتِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: قَالَ أَشْهَبُ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ فَقَالَ هِيَ أُمُّهُ اهـ، أَيْ وَيُفْهَمُ مِنْهَا الْأَبُ بِطَرِيقِ لَحْنِ الْخِطَابِ فَيَكُونُ قَدِ اسْتَوْفَى ذِكْرَ أَقْرَبِ الْقَرَابَةِ بِالصَّرَاحَةِ وَالْمَفْهُومِ، وَأَمَّا عَلَى التَّفْسِيرِ الْمَشْهُورِ فَالْفَصِيلَةُ دَلَّتْ عَلَى الْآبَاءِ بِاللَّفْظِ وَتُسْتَفَادُ الْأُمَّهَاتُ بِدَلَالَةِ لَحْنِ الْخِطَابِ.

وَقَدْ رُتِّبَتِ الْأَقْرِبَاءُ عَلَى حَسَبِ شِدَّةِ الْمَيْلِ الطَّبِيعِيِّ فِي الْعُرْفِ الْغَالِبِ لِأَنَّ الْمَيْلَ الطَّبِيعِيَّ يَنْشَأُ عَنِ الْمُلَازَمَةِ وَكَثْرَةِ الْمُخَالَطَةِ.

وَلم يذكر الأبوان لِدُخُولِهِمَا فِي الْفَصِيلَةِ قَصْدًا لِلْإِيجَازِ.

وَالْإِيوَاءُ: الضَّمُّ وَالِانْحِيَازُ. قَالَ تَعَالَى: آوَى إِلَيْهِ أَخاهُ [يُوسُف: ٦٩] وَقَالَ:

سَآوِي إِلى جَبَلٍ [هود: ٤٣] .

والَّتِي تُؤْوِيهِ: إِنْ كَانَتِ الْقَبِيلَةُ، فَالْإِيوَاءُ مَجَازٌ فِي الْحِمَايَةِ وَالنَّصْرِ، أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَفْتَدِي بِهَا لِعِلْمِهِ بِأَنَّهَا لَا تُغْنِي عَنْهُ شَيْئًا يَوْمَئِذٍ.

وَإِنْ كَانَتِ الْأُمُّ فَالْإِيوَاءُ عَلَى حَقِيقَتِهِ بِاعْتِبَارِ الْمَاضِي، وَصِيغَةِ الْمُضَارِعِ