للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَ مَمْنُوعًا مِنَ الصَّرْفِ فَلَا تَقُولُ: لَظًى بِالتَّنْوِينِ إِلَّا إِذَا أَرَدْتَ جِنْسَ اللَّهَبِ، وَلَا تَقُولُ: اللَّظَى إِلَّا إِذَا أَرَدْتَ لَهَبًا مُعَيَّنًا، فَأَمَّا إِذَا أَرَدْتَ اسْمَ جَهَنَّمَ فَتَقُولُ لَظَى بِأَلِفِ التَّأْنِيثِ دُونَ تَنْوِينٍ وَدُونَ تَعْرِيفٍ.

وَالنَّزَّاعَةُ: مُبَالَغَةٌ فِي النَّزْعِ وَهُوَ الْفَصْلُ وَالْقَطْعُ.

وَالشَّوَى: اسْمُ جَمْعِ شَوَاةٍ بِفَتْحِ الشِّينِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ، وَهِيَ الْعُضْوُ غَيْرُ الرَّأْسِ مِثْلَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ فَالْجَمْعُ بِاعْتِبَارِ مَا لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ شَوَى، وَقِيلَ الشَّوَاةُ: جِلْدَةُ الرَّأْسِ فَالْجَمْعُ بِاعْتِبَارِ كَثْرَةِ النَّاس.

وَجُمْلَة تَدْعُوا إِمَّا خَبَرٌ ثَانٍ حَسَبَ قِرَاءَةِ نَزَّاعَةً بِالرَّفْعِ وَإِمَّا حَالٌ عَلَى الْقِرَاءَتَيْنِ.

وَالدُّعَاءُ فِي قَوْله: تَدْعُوا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ حَقِيقَةٍ بِأَنْ يُعْتَبَرَ اسْتِعَارَةً مَكْنِيَّةً، شُبِّهَتْ لَظَى فِي انْهِيَالِ النَّاسِ إِلَيْهَا بِضَائِفٍ لِمَأْدُبَةٍ، وَرُمِزَ إِلَى ذَلِك ب تَدْعُوا وَذَلِكَ عَلَى طَرِيقَةِ التَّهَكُّمِ.

وَيَكُونُ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعى قَرِينَةً، أَوْ تَجْرِيدًا، أَيْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى عَنِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ. وَفِيهِ الطِّبَاقُ لِأَنَّ الْإِدْبَارَ وَالتَّوَلِّيَ يُضَادَّانِ الدَّعْوَةَ فِي الْجُمْلَةِ إِذِ الشَّأْنُ أَنَّ الْمَدْعُوَّ يُقْبِلُ وَلَا يدبر، وَيكون (يدعوا) مُشْتَقًّا مِنَ الدُّعْوَةِ الْمَضْمُومَةِ الدَّالِ، أَوْ أَنْ يُشَبِّهَ إِحْضَارَ الْكُفَّارِ عِنْدَهَا بِدَعْوَتِهَا إِيَّاهُمْ لِلْحُضُورِ عَلَى طَرِيقَةِ التَّبَعِيَّةِ، لِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِدَعْوَةِ الْمُنَادِي، كَقَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ الثَّوْرَ الْوَحْشِيَّ:

أَمْسَى بِوَهْبَيْنِ مُخْتَارًا لِمَرْتَعِهِ ... مِنْ ذِي الْفَوَارِسِ تَدْعُو أَنْفَهُ الرِّبَبُ

الرِّبَبُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِمُوَحَّدَتَيْنِ: جَمْعُ رِبَّةٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ: نَبَاتٌ يَنْبُتُ فِي الصَّيْفِ أَخْضَرُ.

وَيَجُوزُ أَن يكون تَدْعُوا مُسْتَعْملا حَقِيقَة، و «الَّذين يَدْعُونَ» : هُمُ الْمَلَائِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِجَهَنَّمَ، وَإِسْنَادُ الدُّعَاءِ إِلَى جَهَنَّمَ إِسْنَادًا مَجَازِيًّا لِأَنَّهَا مَكَانُ الدَّاعِينَ أَوْ لِأَنَّهَا سَبَبُ الدُّعَاءِ، أَوْ جَهَنَّمُ تَدْعُو حَقِيقَةً بِأَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ فِيهَا أَصْوَاتًا تُنَادِي الَّذِينَ تَوَلَّوْا أَنْ يَرِدُوا عَلَيْهَا فَتَلْتَهِمَهُمْ.

ومَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعى جِنْسُ الْمَوْصُوفِينَ بِأَنَّهُمْ أَدْبَرُوا وَتَوَلَّوْا وَجَمَعُوا وَهُمُ الْمُجْرِمُونَ الَّذِينَ يَوَدُّونَ أَنْ يَفْتَدُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ. وَهَذِهِ الصِّفَاتُ خَصَائِصُ الْمُشْرِكِينَ، وَهِيَ مِنْ آثَارِ دِينِ الشِّرْكِ الَّتِي هِيَ أَقْوَى بَاعِثٍ لَهُمْ عَلَى إِعْرَاضِهِمْ عَنْ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ.