للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَقَدَّمَ يَوْمَ الْفَصْلِ غَيْرَ مَرَّةٍ أُخْرَاهَا فِي سُورَةِ الْمُرْسَلَاتِ [١٤] .

وَوَصْفُ الْقُرْآنِ بِالْفَصْلِ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ فِي سُورَةِ الطَّارِقِ [١٣] .

وَالْمِيقَاتُ: مِفْعَالٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْوَقْتِ، وَالْوَقْتُ: الزَّمَانُ الْمُحَدَّدُ فِي عَمَلٍ مَا، وَلِذَلِكَ لَا يُسْتَعْمَلُ لَفْظُ وَقْتٍ إِلَّا مُقَيَّدًا بِإِضَافَةٍ أَوْ نَحْوِهَا نَحْوَ وَقْتِ الصَّلَاةِ.

فَالْمِيقَاتُ جَاءَ عَلَى زِنَةِ اسْمِ الْآلَةِ وَأُرِيدَ بِهِ نَفْسُ الْوَقْتِ الْمُحَدَّدِ بِهِ شَيْءٌ مِثْلَ مِيعَادٍ وَمِيلَادٍ، فِي الْخُرُوجِ عَنْ كَوْنِهِ اسْمَ آلَةٍ إِلَى جَعْلِهِ اسْمًا لِنَفْسِ مَا اشْتُقَّ مِنْهُ. وَالسِّيَاقُ دَلَّ عَلَى مُتَعَلَّقِ مِيقَاتٍ، أَيْ كَانَ مِيقَاتًا لِلْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ.

فَكَوْنُهُ مِيقاتاً كِنَايَةٌ تَلْوِيحِيَّةٌ عَنْ تَحْقِيقِ وُقُوعِهِ إِذِ التَّوْقِيتُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِزَمَنٍ مُحَقَّقِ الْوُقُوعِ وَلَوْ تَأَخَّرَ وَأَبْطَأَ.

وَهَذَا رَدٌّ لِسُؤَالِهِمْ تَعْجِيلَهُ وَعَنْ سَبَبِ تَأْخِيرِهِ، سُؤَالًا يُرِيدُونَ مِنْهُ الِاسْتِهْزَاءَ بِخَبَرِهِ.

وَالْمَعْنَى: أَنْ لَيْسَ تَأَخُّرُ وُقُوعِهِ دَالًّا عَلَى انْتِفَاءِ حُصُولِهِ.

وَالْمَعْنَى: لَيْسَ تَكْذِيبُكُمْ بِهِ مِمَّا يَحْمِلُنَا عَلَى تَغْيِيرِ إِبَانِهِ الْمُحَدَّدِ لَهُ وَلَكِنَّ اللَّهَ مُسْتَدْرِجُكُمْ مُدَّةً.

وَفِي هَذَا إِنْذَارٌ لَهُمْ بِأَنَّهُ لَا يُدْرَى لَعَلَّهُ يَحْصُلُ قَرِيبًا قَالَ تَعَالَى: لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً [الْأَعْرَاف: ١٨٧] وَقَالَ: قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً [الْإِسْرَاء: ٥١] .

ويَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ بَدَلٌ مِنْ يَوْمَ الْفَصْلِ وَأُضِيفَ يَوْمَ إِلَى جُمْلَةِ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَانْتَصَبَ يَوْمَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَفَتْحَتُهُ فَتْحَةُ إِعْرَابٍ لِأَنَّهُ أُضِيفَ إِلَى جُمْلَةٍ أَوَّلُهَا مُعْرَبٌ وَهُوَ الْمُضَارِعُ.

وَفَائِدَةُ هَذَا الْبَدَلِ حُصُولُ التَّفْصِيلِ لِبَعْضِ أَحْوَالِ الْفَصْلِ وَبَعْضِ أَهْوَالِ يَوْمِ الْفَصْلِ.

وَالصُّورُ: الْبُوقُ، وَهُوَ قَرْنُ ثَوْرٍ فَارِغُ الْوَسَطِ مُضَيَّقٌ بَعْضُ فَرَاغِهِ وَيُتَّخَذُ مِنَ