للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأُضِيفَ إِذْ إِلَى جُمْلَةِ ناداهُ رَبُّهُ وَالْمَعْنَى: هَلْ أَتَاكَ خَبَرُ زَمَانٍ نَادَى فِيهِ مُوسَى رَبُّهُ.

وَالْوَادِ: الْمَكَانُ الْمُنْخَفِضُ بَيْنَ الْجِبَالِ.

وَالْمُقَدَّسُ: الْمُطَهَّرُ. وَالْمُرَادُ بِهِ التَّطْهِيرُ الْمَعْنَوِيُّ وَهُوَ التَّشْرِيفُ وَالتَّبْرِيكُ لِأَجْلِ مَا نَزَلَ فِيهِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ دُونَ تَوَسُّطِ مَلَكٍ يُبَلِّغُ الْكَلَامَ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَذَلِكَ تَقْدِيسٌ خَاصٌّ، وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ لَهُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ [طه:

١٢] .

وَطُوًى: اسْمُ مَكَانٍ وَلَعَلَّهُ هُوَ نَوْعٌ مِنَ الْأَوْدِيَةِ يُشْبِهُ الْبِئْرَ الْمَطْوِيَّةَ، وَقَدْ سُمِّيَ مَكَانٌ بِظَاهِرِ مَكَّةَ ذَا طُوًى بِضَمِّ الطَّاءِ وَبِفَتْحِهَا وَكَسْرِهَا. وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ طَهَ. وَهَذَا وَادٍ فِي جَانِبِ جَبَلِ الطُّورِ فِي بَرِّيَّةِ سِينَا فِي جَانِبِهِ الْغَرْبِيِّ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ طُوىً بِلَا تَنْوِينٍ عَلَى أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ بِتَأْوِيلِ الْبُقْعَةِ، أَوْ لِلْعَدْلِ عَنْ طَاوٍ، أَوْ لِلْعُجْمَةِ. وَقَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ مُنَوَّنًا بِاعْتِبَارِهِ اسْمَ وَادٍ مُذَكَّرَ اللَّفْظِ.

وَجُمْلَةُ اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ ناداهُ رَبُّهُ وَجُمْلَةُ إِنَّهُ طَغى تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ: اذْهَبْ، وَلِذَلِكَ افْتُتِحَتْ بِحَرْفِ (إِنَّ) الَّذِي هُوَ لِلِاهْتِمَامِ وَيُفِيدُ مُفَادَ التَّعْلِيلِ.

وَالطُّغْيَانُ إِفْرَاطُ التَّكَبُّرِ وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ لِلطَّاغِينَ مَآباً فِي سُورَةِ النَّبَأِ [٢٢] .

وَفِرْعَوْنُ: لَقَبُ مَلِكِ الْقِبْطِ بِمِصْرَ فِي الْقَدِيمِ، وَهُوَ اسْمٌ مُعَرَّبٌ عَنِ اللُّغَةِ الْعِبْرَانِيَّةِ وَلَا يُعْلَمُ هَلْ هُوَ اسْمٌ لِلْمَلِكِ فِي لُغَةِ الْقِبْطِ وَلَمْ يُطْلِقْهُ الْقُرْآنُ إِلَّا عَلَى مَلِكِ مِصْرَ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْهِ مُوسَى، وَأُطْلِقَ عَلَى الَّذِي فِي زَمَنِ يُوسُفَ اسْمُ الْمَلِكِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [١٠٣] .

وهَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ عَرْضٌ وَتَرْغِيبٌ قَالَ تَعَالَى: فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى [طه: ٤٤] .