للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكُرِّرَ التَّأْكِيدُ مَعَ الْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفَةِ لِلِاهْتِمَامِ بِتَحْقِيقِ كَوْنِهِمْ فِي جَحِيمٍ لَا يَطْمَعُوا فِي مُفَارَقَتِهِ.

والْأَبْرارَ: جَمْعُ بَرٍّ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَهُوَ التَّقِيُّ، وَهُوَ فِعْلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ مُشْتَقٌّ مِنْ بَرَّ يَبَرُّ، وَلِفِعْلِ بَرَّ اسْمُ مَصْدَرٍ هُوَ بِرٌّ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مَصْدَرٌ قِيَاسِيٌّ بِفَتْحِ الْبَاءِ كَأَنَّهُمْ أَمَاتُوهُ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ بِالْبَرِّ وَهُوَ التَّقِيُّ. وَإِنَّمَا سُمِّيَ التَّقِيُّ بَرًّا لِأَنَّهُ بَرَّ رَبَّهُ، أَيْ صَدَّقَهُ وَوَفَّى لَهُ بِمَا عَهِدَ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ بِالتَّقْوَى.

والْفُجَّارَ: جَمْعُ فَاجِرٍ، وَصِيغَةُ فُعَّالٍ تَطَّرِدُ فِي تَكْسِيرِ فَاعِلٍ الْمُذَكَّرِ الصَّحِيحِ اللَّامِ.

وَالْفَاجِرُ: الْمُتَّصِفُ بِالْفُجُورِ وَهُوَ ضِدُّ البرور.

وَالْمرَاد ب الْفُجَّارَ هُنَا: الْمُشْرِكُونَ، لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ لَا يَغِيبُونَ عَنِ النَّارِ طَرْفَةَ عَيْنٍ وَذَلِكَ هُوَ الْخُلُودُ، وَنَحْنُ أَهْلَ السُّنَّةِ لَا نَعْتَقِدُ الْخُلُودَ فِي النَّارِ لِغَيْرِ الْكَافِرِ. فَأَمَّا عُصَاةُ الْمُؤْمِنِينَ فَلَا يَخْلُدُونَ فِي النَّار وَإِلَّا لبطلت فَائِدَةُ الْإِيمَانِ.

وَالنَّعِيمُ: اسْمُ مَا يَنْعَمُ بِهِ الْإِنْسَانُ.

وَالظَّرْفِيَّةُ مِنْ قَوْلِهِ: «فِي نَعِيمٍ» مَجَازِيَّةٌ لِأَنَّ النَّعِيمَ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ لَا يَكُونُ ظَرْفًا حَقِيقَةً، شُبِّهَ دَوَامُ التَّنَعُّمِ لَهُمْ بِإِحَاطَةِ الظَّرْفِ بِالْمَظْرُوفِ بِحَيْثُ لَا يُفَارِقُهُ.

وَأَمَّا ظَرْفِيَّةُ قَوْلِهِ: لَفِي جَحِيمٍ فَهِيَ حَقِيقِيَّةٌ.

وَالْجَحِيمُ صَارَ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ عَلَى جَهَنَّمَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ التَّكْوِيرِ وَفِي سُورَةِ النَّازِعَاتِ.

وَجُمْلَةُ يَصْلَوْنَها صِفَةٌ لِ جَحِيمٍ، أَوْ حَالٌ مِنَ الْفُجَّارَ، أَوْ حَالٌ مِنَ الْجَحِيمِ، وَصَلْيُ النَّارِ: مَسُّ حَرِّهَا لِلْجِسْمِ، يُقَالُ: صَلِيَ النَّارَ، إِذَا أَحَسَّ بِحَرِّهَا، وَحَقِيقَتُهُ: الْإِحْسَاسُ بِحَرِّ النَّارِ الْمُؤْلِمِ، فَإِذَا أُرِيدَ التَّدَفِّي قِيلَ: اصْطَلَى.

ويَوْمَ الدِّينِ ظَرْفٌ لِ يَصْلَوْنَها وَذُكِرَ لِبَيَانِ: أَنَّهُمْ يَصْلَوْنَهَا جَزَاءً عَنْ فُجُورِهِمْ لِأَنَّ الدِّينَ الْجَزَاءُ وَيَوْمَ الدِّينِ يَوْمُ الْجَزَاءِ وَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.