للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَازِنِ جَهَنَّمَ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَنادَوْا يَا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ [الزخرف: ٧٧، ٧٨] فَطُوِيَ سُؤَالُهُمْ وَاقْتُصِرَ عَلَى جَوَابِ مَالِكٍ خَازِنِ جَهَنَّمَ اعْتِمَادًا عَلَى قَرِينَةِ عَطْفِ جُمْلَةِ هَذَا الْمَقَالِ بِ ثُمَّ الدَّالَّةِ عَلَى التَّرَاخِي.

وَبُنِيَ فِعْلُ يُقالُ لِلْمَجْهُولِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْغَرَضِ بِمَعْرِفَةِ الْقَائِلِ وَالْمَقْصِدِ هُوَ القَوْل.

وَجِيء باسم الْمَوْصُول ليذكّروا تكذيبهم بِهِ فِي الدُّنْيَا تنديما لَهُم وتحزينا.

وَتَقْدِيمُ بِهِ عَلَى تُكَذِّبُونَ لِلِاهْتِمَامِ بِمَعَادِ الضَّمِيرِ مَعَ الرِّعَايَةِ عَلَى الْفَاصِلَةِ وَالْبَاءُ لِتَعْدِيَةِ فِعْلِ تُكَذِّبُونَ إِلَى تَفْرِقَةٍ بَيْنَ تَعْدِيَتِهِ إِلَى الشَّخْصِ الْكَاذِبِ فَيُعَدَّى بِنَفْسِهِ وَبَيْنَ تَعْدِيَتِهِ إِلَى الْخَبَرِ الْمُكَذَّبِ فَيُعَدَّى بِالْبَاءِ. وَلَعَلَّ أَصْلَهَا بَاءُ السَّبَبِيَّةِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ، أَيْ كَذَّبَ بِسَبَبِهِ مَنْ أَخْبَرَهُ بِهِ، وَلِذَلِكَ قَدَّرَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ رُسُلَ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا.

[١٨- ٢١]

[سُورَة المطففين (٨٣) : الْآيَات ١٨ إِلَى ٢١]

كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨) وَما أَدْراكَ مَا عِلِّيُّونَ (١٩) كِتابٌ مَرْقُومٌ (٢٠) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (٢١)

كَلَّا.

رَدْعٌ وَإِبْطَالٌ لِمَا تَضْمَنُهُ مَا يُقَالُ لَهُمْ: هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ [المطففين: ١٧] فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ كَلَّا مِمَّا قِيلَ لَهُمْ مَعَ جُمْلَةِ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ رَدْعًا لَهُمْ فَهِيَ مِنَ الْمَحْكِيِّ بِالْقَوْلِ.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُعْتَرِضَةً مِنْ كَلَامِ اللَّهِ فِي الْقُرْآنِ إِبْطَالًا لِتَكْذِيبِهِمُ الْمَذْكُورِ.

إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨) وَما أَدْراكَ مَا عِلِّيُّونَ (١٩) كِتابٌ مَرْقُومٌ (٢٠) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (٢١) .

يَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ الْمُنْتَهِيَةَ بِقَوْلِهِ: يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ مِنَ الْحِكَايَةِ وَلَيْسَتْ مِنَ الْكَلَامِ الْمَحْكِيِّ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ يُقالُ إِلَخْ، فَإِنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ بِحَذَافِرِهَا تُشْبِهُ جُمْلَةَ: إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ [المطففين: ١٧] إِلَخْ أُسْلُوبًا وَمُقَابَلَةً. فَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ