للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَامَةٌ عَلَى

أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمُهُمْ وَأَنَّ مَا فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْخَصَاصَةِ عَلَامَةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَهَانَهُمْ.

وَأَنَّهُمْ أَضَاعُوا شُكْرَ اللَّهِ على النِّعْمَة فَلَمَّا يُوَاسُوا بِبَعْضِهَا الضُّعَفَاءِ وَمَا زَادَتْهُمْ إِلَّا حِرْصًا عَلَى التَّكَثُّرِ مِنْهَا.

وَأَنَّهُمْ يَنْدَمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَنْ لَمْ يُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِهِمْ مِنَ الْأَعْمَالِ مَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ يَوْمَ لَا ينفع نفسا مَالُهَا وَلَا يَنْفَعُهَا إِلَّا إِيمَانُهَا وَتَصْدِيقُهَا بِوَعْدِ رَبِّهَا. وَذَلِكَ يَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ بِمَصِيرِهِمْ إِلَى الْجنَّة.

[١- ٤]

[سُورَة الْفجْر (٨٩) : الْآيَات ١ إِلَى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالْفَجْرِ (١) وَلَيالٍ عَشْرٍ (٢) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٣) وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (٤)

الْقَسَمُ بِهَذِهِ الْأَزْمَانِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ بَعْضَهَا دَلَائِلُ بَدِيعِ صُنْعِ اللَّهِ وَسَعَةِ قُدْرَتِهِ فِيمَا أَوْجَدَ مِنْ نِظَامٍ يُظَاهِرُ بَعْضُهُ بَعْضًا مِنْ ذَلِكَ وَقْتُ الْفَجْرِ الْجَامِعِ بَيْنَ انْتِهَاءِ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَابْتِدَاءِ نُورِ النَّهَارِ، وَوَقْتُ اللَّيْل الَّذِي تمحضت فِيهِ الظُّلْمَةُ. وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ أَوْقَاتٌ لِأَفْعَالٍ مِنَ الْبِرِّ وَعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ، مِثْلَ اللَّيَالِي الْعَشْرِ، وَاللَّيَالِي الشَّفْعِ، وَاللَّيَالِي الْوَتْرِ.

وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْقَسَمِ تَحْقِيقُ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَسَمَ فِي الْكَلَامِ مِنْ طُرُقِ تَأْكِيدِ الْخَبَرِ إِذِ الْقَسَمُ إِشْهَادُ الْمُقْسِمِ رَبَّهُ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُهُ.

وَقَسَمُ اللَّهُ تَعَالَى مُتَمَحِّضٌ لِقَصْدِ التَّأْكِيدِ.

وَالْكَلَامُ مُوَجَّهٌ إِلَى النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ [الْفجْر: ٦] وَقَوْلُهُ: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ [الْفجْر: ١٤] .

وَلِذَلِكَ فَالْقَسَمُ تَعْرِيضٌ بِتَحْقِيقِ حُصُولِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُنْكِرِينَ.

وَالْمَقْصِدُ مِنْ تَطْوِيلِ الْقَسَمِ بِأَشْيَاءَ، التَّشْوِيقُ إِلَى الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ.

والْفَجْرِ: اسْمٌ لِوَقْتِ ابْتِدَاءِ الضِّيَاءِ فِي أَقْصَى الْمَشْرِقِ مِنْ أَوَائِلِ شُعَاعِ الشَّمْسِ حِينَ يَتَزَحْزَحُ الْإِظْلَامُ عَنْ أَوَّلِ خَطٍّ يَلُوحُ لِلنَّاظِرِ مِنَ الْخُطُوطِ الْفَرْضِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ فِي