للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقُرْآنِ، وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ يَسْمَعُ فِيهِ الْمُشْرِكُونَ قِرَاءَتَهُ مِنْ بُيُوتِهِمُ الْقَرِيبَةِ مِنْ بَيْتِهِ أَوْ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.

وَلِذَلِكَ قُيِّدَ اللَّيْلِ بِظَرْفِ إِذا سَجى فَلَعَلَّ ذَلِكَ وَقْتُ قِيَامِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعَالَى: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا [المزمل: ٢، ٣] .

وَالضُّحَى تَقَدَّمَ بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالشَّمْسِ وَضُحاها [الشَّمْس: ١] .

وَكُتِبَ فِي الْمُصْحَفِ وَالضُّحى بِأَلِفٍ فِي صُورَةِ الْيَاءِ مَعَ أَنَّ أَصْلَ أَلِفِهِ الْوَاوُ لِأَنَّهُمْ رَاعَوُا الْمُنَاسَبَةَ مَعَ أَكْثَرِ الْكَلِمَاتِ الْمَخْتُومَةِ بِأَلِفٍ فِي هَذِهِ السُّورَةِ فَإِنَّ أَكْثَرَهَا مُنْقَلِبَةُ الْأَلِفِ عَنِ الْيَاءِ، وَلِأَنَّ الْأَلِفَ تَجْرِي فِيهَا الْإِمَالَةُ فِي اللُّغَاتِ الَّتِي تُمِيلُ الْأَلِفَ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ لَا تُمَالَ إِذَا وَقَعَتْ مَعَ أَلِفٍ تُمَالُ لِلْمُنَاسَبَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي «شَرْحِ كَافِيَتِهِ» .

وَيُقَالُ: سَجَا اللَّيْلُ سجوا بِفَتْح فَسُكُون، وسجوا بِضَمَّتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ، إِذَا امْتَدَّ وَطَالَ مُدَّةُ ظَلَامِهِ مِثْلَ سَجْوِ الْمَرْءِ بِالْغِطَاءِ، إِذَا غُطِّيَ بِهِ جَمِيعُ جَسَدِهِ وَهُوَ وَاوِيٌّ وَرُسِمَ فِي الْمُصْحَفِ بِأَلِفٍ فِي صُورَةِ الْيَاءِ لِلْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي كِتَابَةِ الضُّحى وَجُمْلَةُ: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ إِلَخْ جَوَابُ الْقَسَمِ، وَجَوَابُ الْقَسَمِ إِذَا كَانَ جُمْلَةً مَنْفِيَّةً لَمْ تَقْتَرِنْ بِاللَّامِ.

وَالتَّوْدِيعُ: تَحِيَّةُ مَنْ يُرِيدُ السَّفَرَ.

وَاسْتُعِيرَ فِي الْآيَةِ لِلْمُفَارَقَةِ بَعْدَ الِاتِّصَالِ تَشْبِيهًا بِفِرَاقِ الْمُسَافِرِ فِي انْقِطَاعِ الصِّلَةِ حَيْثُ شَبَّهَ انْقِطَاعَ صِلَةِ الْكَلَامِ بِانْقِطَاعِ صِلَةِ الْإِقَامَةِ، وَالْقَرِينَةُ إِسْنَادُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ الَّذِي لَا يَتَّصِلُ بِالنَّاسِ اتِّصَالًا مَعْهُودًا.

وَهَذَا نَفْيٌ لِأَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَطَعَ عَنْهُ الْوَحْيَ.

وَقَدْ عُطِفَ عَلَيْهِ: وَما قَلى لِلْإِتْيَانِ عَلَى إِبْطَالِ مَقَالَتَيِ الْمُشْرِكِينَ إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ:

وَدَّعَهُ رَبُّهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَلَاهُ رَبُّهُ، يُرِيدُونَ التَّهَكُّمَ.

وَجُمْلَةُ: وَما قَلى عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ جَوَابِ الْقَسَمِ وَلَهَا حُكْمُهَا.