للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ١٥ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ ١٦ أَعْقَبَ الرَّدْعَ بِالْوَعِيدِ عَلَى فِعْلِهِ إِذَا لَمْ يَرْتَدِعْ وَيَنْتَهِ عَنْهُ.

وَاللَّامُ مُوَطِّئَةٌ لِلْقِسْمِ، وَجُمْلَةُ «لَنَسْفَعَنْ» جَوَابُ الْقَسَمِ، وَأَمَّا جَوَابُ الشَّرْطِ فَمَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ جَوَابُ الْقَسَمِ.

وَالسَّفْعُ: الْقَبْضُ الشَّدِيدُ بِجَذْبٍ.

وَالنَّاصِيَةُ مُقَدَّمُ شَعَرِ الرَّأْسِ، وَالْأَخْذُ مِنَ النَّاصِيَةِ أَخْذُ مَنْ لَا يَتْرُكُ لَهُ تَمَكُّنٌ مِنَ الِانْفِلَاتِ فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ أَخْذِهِ إِلَى الْعَذَابِ، وَفِيهِ إِذْلَالٌ لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَقْبِضُونَ عَلَى شَعَرِ رَأْسِ أَحَدٍ إِلَّا لضربه أَو جرّه. وَأَكَّدَ ذَلِكَ السَّفْعَ بِالْبَاءِ الْمَزِيدَةِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمَفْعُولِ لِتَأْكِيدِ اللُّصُوقِ.

وَالنُّونُ نُونُ التَّوْكِيدِ الْخَفِيفَةِ الَّتِي يَكْثُرُ دُخُولُهَا فِي الْقَسَمِ الْمُثْبَتِ، وَكُتِبَتْ فِي الْمُصْحَفِ أَلِفًا رَعْيًا لِلنُّطْقِ لَهَا فِي الْوَقْفِ لِأَنَّ أَوَاخِرَ الْكَلِمِ أَكْثَرُ مَا تُرْسَمُ عَلَى مُرَاعَاةِ النُّطْقِ فِي الْوَقْفِ.

وَالتَّعْرِيفُ فِي «النَّاصِيَةِ» لِلْعَهْدِ التَّقْدِيرِيِّ، أَيْ بِنَاصِيَتِهِ، أَيْ نَاصِيَةِ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى وَهَذِهِ اللَّامُ هِيَ الَّتِي يُسَمِّيهَا نُحَاةُ الْكُوفَةِ عِوَضًا عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ. وَهِيَ تَسْمِيَةٌ حَسَنَةٌ وَإِنْ أَبَاهَا الْبَصْرِيُّونَ فَقَدَّرُوا فِي مَثَلِهِ مُتَعَلِّقًا لِمَدْخُولِ اللَّامِ.

وناصِيَةٍ بَدَلٌ مِنَ النَّاصِيَةِ وَتَنْكِيرُهَا لِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ، أَيْ هِيَ مِنْ جِنْسِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ.

وخاطِئَةٍ اسْمُ فَاعل من خطىء مِنْ بَابِ عَلِمَ، إِذَا فَعَلَ خَطِيئَةً، أَيْ ذَنْبًا، وَوَصْفُ النَّاصِيَةِ بِالْكَاذِبَةِ وَالْخَاطِئَةِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ. وَالْمُرَادُ: كَاذِبٌ صَاحِبُهَا خَاطِئٌ صَاحِبُهَا، أَيْ آثِمٌ. وَمُحَسِّنُ هَذَا الْمَجَازِ أَنَّ فِيهِ تَخْيِيلًا بِأَن الْكَذِب والخطء بَادِيَانِ مِنْ نَاصِيَتِهِ فَكَانَتِ

النَّاصِيَةُ جديرة بالسفع.