للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَشَهْرُ بَشَنْسَ يَبْتَدِئ فِي الْيَوْمِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ نِيسَانَ (أَبْرِيلَ) وَهُوَ ثَلَاثُونَ يَوْمًا يَنْتَهِي يَوْمَ ٢٥ مِنْ شَهْرِ (إِيَارَ- مَايُهْ) .

وَطُلُوعُ الثُّرَيَّا عِنْدَ الْفَجْرِ وَهُوَ يَوْمُ تِسْعَةَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ بَشَنْسَ مِنْ أَشْهُرِ الْقِبْطِ. قَالَ أَيِمَّةُ اللُّغَةِ: فَالصَّيْفُ عِنْدَ الْعَامَّةِ نِصْفُ السَّنَةِ وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَالشِّتَاءُ نِصْفُ السَّنَةِ وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ.

وَالسَّنَةُ بِالتَّحْقِيقِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ: الصَّيْفُ: ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ الرَّبِيعَ، وَيَلِيهِ الْقَيْظُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَهُوَ شِدَّةُ الْحَرِّ، وَيَلِيهِ الْخَرِيفُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَيَلِيهِ الشِّتَاءُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ. وَهَذِهِ الْآيَةُ صَالِحَةٌ لِلِاصْطِلَاحَيْنِ. وَاصْطِلَاحُ عُلَمَاءَ الْمِيقَاتِ تَقْسِيمُ السَّنَةِ إِلَى رَبِيعٍ وَصَيْفٍ وَخَرِيفٍ وَشِتَاءٍ، وَمَبْدَأُ السَّنَةِ الرَّبِيعُ هُوَ دُخُولُ الشَّمْسِ فِي

بُرْجِ الْحَمَلِ، وَهَاتَانِ الرحلتان هما رحلتا تِجَارَةٍ وَمِيرَةٍ كَانَتْ قُرَيْشٌ تُجَهِّزُهُمَا فِي هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ مِنَ السَّنَةِ إِحْدَاهُمَا فِي الشِّتَاءِ إِلَى بِلَادِ الْحَبَشَةِ ثُمَّ الْيَمَنِ يَبْلُغُونَ بِهَا بِلَادَ حِمْيَرَ، وَالْأُخْرَى فِي الصَّيْفِ إِلَى الشَّامِ يَبْلُغُونَ بِهَا مَدِينَةَ بُصْرَى مِنْ بِلَادِ الشَّامِ.

وَكَانَ الَّذِينَ سَنَّ لَهُمْ هَاتَيْنِ الرِّحْلَتَيْنِ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنهم كَانُوا تعتريهم خَصَاصَةٌ فَإِذَا لَمْ يَجِدْ أَهْلُ بَيْتٍ طَعَامًا لِقُوتِهِمْ حَمَلَ رَبُّ الْبَيْتِ عِيَالَهُ إِلَى مَوْضِعٍ مَعْرُوفٍ فَضَرَبَ عَلَيْهِمْ خِبَاءً وَبَقُوا فِيهِ حَتَّى يَمُوتُوا جُوعًا وَيُسَمَّى ذَلِكَ الِاعْتِفَارَ (بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالرَّاءِ وَقِيلَ بِالدَّالِ عِوَضَ الرَّاءِ وَبِفَاءٍ) فَحَدَثَ أَنَّ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ أَصَابَتْهُمْ فَاقَةٌ شَدِيدَةٌ فَهَمُّوا بِالِاعْتِفَارِ فَبَلَغَ خَبَرُهُمْ هَاشِمًا لِأَنَّ أَحَدَ أَبْنَائِهِمْ كَانَ تِرْبًا لِأَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ، فَقَامَ هَاشِمٌ خَطِيبًا فِي قُرَيْشٍ وَقَالَ: إِنَّكُمْ أَحْدَثْتُمْ حَدَثًا تَقِلُّونَ فِيهِ وَتَكْثُرُ الْعَرَبُ وَتَذِلُّونَ وَتَعِزُّ الْعَرَبُ وَأَنْتُمْ أَهْلُ حَرَمِ اللَّهِ وَالنَّاسُ لَكُمْ تَبَعٌ وَيَكَادُ هَذَا الِاعْتِفَارُ يَأْتِي عَلَيْكُمْ، ثُمَّ جَمَعَ كُلَّ بَنِي أَبٍ عَلَى رِحْلَتَيْنِ لِلتِّجَارَاتِ فَمَا رَبِحَ الْغَنِيُّ قَسَّمَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَقِيرِ مِنْ عَشِيرَتِهِ حَتَّى صَارَ فَقِيرُهُمْ كَغَنِيِّهِمْ، وَفِيهِ يَقُولُ مَطْرُودٌ الْخُزَاعِيُّ:

يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُحَوِّلُ رَحْلَهُ ... هَلَّا نَزَلْتَ بِآلِ عَبْدِ مَنَافِ

الْآخِذُونَ الْعَهْدَ مِنْ آفَاقِهَا ... وَالرَّاحِلُونَ لِرِحْلَةِ الْإِيلَافِ

وَالْخَالِطُونَ غَنِيَّهُمْ بِفَقِيرِهِمْ ... حَتَّى يَصِيرَ فَقِيرُهُمْ كَالْكَافِيِِ