للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَبِيهٍ لَهُ فِيمَا عَدَاهَا مِثْلَ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ [الْحَج: ٧٣] .

وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً اعْتِرَاضِيَّةٌ، وَهِيَ وَاوُ الْحَالِ، كَالْوَاوِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ [سبأ: ١٧] فَإِنَّهَا تذييل لِجُمْلَةِ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا [سبأ: ١٧] ، وَيَجُوزُ كَوْنُ الْوَاوِ عَاطِفَةً إِنْ جُعِلَتِ الْوَاوُ الْأُولَى عَاطِفَةً فَيَكُونَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْجُمْلَةِ إِثْبَاتَ وَصْفِ مُخَالَفَتِهِ تَعَالَى لِلْحَوَادِثِ وَتَكُونَ استفادة معنى التذييل تَبَعًا لِلْمَعْنَى، وَالنُّكَتِ لَا تَتَزَاحَمُ.

وَالْكُفُؤُ: بِضَمِّ الْكَافِ وَضَمِّ الْفَاءِ وَهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ. وَبِهِ قَرَأَ نَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ، إِلَّا أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَوَّلِينَ حَقَّقُوا الْهَمْزَةَ وَأَبُو جَعْفَرٍ سَهَّلَهَا وَيُقَالُ:

«كُفْءٌ» بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَبِالْهَمْزِ، وَبِهِ قَرَأَ حَمْزَةُ وَيَعْقُوب، وَيُقَال: كُفُواً بِالْوَاوِ عِوَضَ الْهَمْزِ، وَبِهِ قَرَأَ حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ وَهِيَ لُغَاتٌ ثَلَاثٌ فَصِيحَةٌ.

وَمَعْنَاهُ: الْمسَاوِي والممائل فِي الصِّفَاتِ.

وأَحَدٌ هُنَا بِمَعْنَى إِنْسَانٍ أَوْ مَوْجُودٍ، وَهُوَ مِنَ الْأَسْمَاءِ النَّكِرَاتِ الْمُلَازِمَةِ لِلْوُقُوعِ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ.

وَحَصَلَ بِهَذَا جِنَاسٌ تَامٌّ مَعَ قَوْلِهِ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَتَقْدِيمُ خَبَرِ (كَانَ) عَلَى اسْمِهَا لِلرِّعَايَةِ عَلَى الْفَاصِلَةِ وَلِلِاهْتِمَامِ بِذِكْرِ الْكُفُؤِ عَقِبَ الْفِعْلِ الْمَنْفِيِّ لِيَكُونَ أَسْبَقَ إِلَى السَّمْعِ.

وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ بِقَوْلِهِ: لَهُ عَلَى متعلّقه وَهُوَ كُفُواً لِلِاهْتِمَامِ بِاسْتِحْقَاقِ اللَّهِ نَفْيَ كَفَاءَةِ أَحَدٍ لَهُ، فَكَانَ هَذَا الِاهْتِمَامُ مُرَجِّحًا تَقْدِيمَ الْمَجْرُورِ عَلَى مُتَعَلِّقِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ تَأْخِيرَ الْمُتَعَلِّقِ إِذَا كَانَ ظرفا لَغوا. وَتَأْخِيرُهُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ أَحْسَنُ مَا لَمْ يَقْتَضِ التَّقْدِيمَ مُقْتَضٍ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي «الْكَشَّافِ» .

وَقَدْ وَرَدَتْ فِي فَضْلِ هَذِهِ السُّورَةِ أَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ وَحَسَنَةٌ اسْتَوْفَاهَا الْمُفَسِّرُونَ. وَثَبَتَ

فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي «الْمُوَطَّأ» و «الصَّحِيحَيْنِ» مِنْ طُرُقٍ عِدَّةٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ»

.