للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى الطَّيِّباتُ عَطْفَ الْمُفْرَدِ، عَلَى نِيَّةِ مُضَافٍ مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ: وَصَيْدُ مَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ.

فَمَا مَوْصُولَةٌ وَفَاءُ فَكُلُوا لِلتَّفْرِيعِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَطْفَ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ، وَتَكُونُ (مَا) شَرْطِيَّةً وَجَوَابُ الشَّرْطِ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ.

وَخُصَّ بِالْبَيَانِ مِنْ بَيْنِ الطَّيِّبَاتِ لِأَنَّ طَيِّبَهُ قَدْ يَخْفَى مِنْ جِهَةِ خَفَاءِ مَعْنَى الذَّكَاةِ فِي جرح الصَّيْد، لاسيما صَيْدُ الْجَوَارِحِ، وَهُوَ مَحَلُّ التَّنْبِيهِ هُنَا الْخَاصُّ بِصَيْدِ الْجَوَارِحِ.

وَسَيُذْكَرُ صَيْدُ الرِّمَاحِ وَالْقَنْصِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ [الْمَائِدَة: ٩٤] وَالْمَعْنَى: وَمَا أَمْسَكَ عَلَيْكُمْ مَا عَلَّمْتُمْ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ لِظُهُورِ أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ إِبَاحَةَ أَكْلِ الْكِلَابِ وَالطُّيُورِ الْمُعَلَّمَةِ.

وَالْجَوَارِحُ: جَمْعُ الْجَارِحِ، أَوِ الْجَارِحَةِ، جَرَى عَلَى صِيغَةِ جَمْعِ فَاعِلَةٍ، لِأَنَّ الدَّوَابَّ مُرَاعَى فِيهَا تَأْنِيثُ جَمْعِهَا، كَمَا قَالَتِ الْعَرَبُ لِلسِّبَاعِ: الْكَوَاسِبُ، قَالَ لَبِيدٌ:

غُبْسٌ كَوَاسِبُ مَا يُمَنُّ طِعَامُهَا وَلِذَلِكَ تُجْمَعُ جَمْعَ التَّأْنِيثِ، كَمَا سَيَأْتِي فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ.

ومُكَلِّبِينَ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ عَلَّمْتُمْ مُبَيِّنَةٌ لِنَوْعِ التَّعْلِيمِ وَهُوَ تَعْلِيمُ الْمُكَلِّبِ، وَالْمُكَلِّبُ- بِكَسْرِ اللَّامِ- بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ مُعَلِّمُ الْكِلَابِ، يُقَالُ: مُكَلِّبٌ، وَيُقَالُ:

كَلَّابٌ.

فَ مُكَلِّبِينَ وَصْفٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الِاسْمِ الْجَامِدِ اشْتُقَّ مِنِ اسْمِ الْكَلْبِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ فِي صَيْدِ الْجَوَارِحِ، وَلِذَلِكَ فَوُقُوعُهُ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ عَلَّمْتُمْ لَيْسَ مُخَصَّصًا لِلْعُمُومِ الَّذِي أَفَادَهُ قَوْلُهُ: وَما عَلَّمْتُمْ فَهَذَا الْعُمُومُ يَشْمَلُ غَيْرَ الْكِلَابِ